ذكر الخبر عن سبب توليته إيّاه المسند:

وكان السبب في ذلك - فيما بلغني - أن بشر بن داود بن يزيد خالف المأمون، وجَبَى الخراج فلم يحمل إلى المأمون شيئًا منه؛ فذُكر أن المأمون قال يومًا لأصحابه: أخبروني عن غسّان بن عباد؛ فإني أريده لأمر جسيم - وكان قد عزم على أن يولِّيَه المسند لما كان من أمر بشر بن داود - فتكلم مَنْ حضر، وأطنبوا في مدحه، فنظر المأمون إلى أحمد بن يوسف وهو ساكت، فقال له: ما تقول يا أحمد؟ قال: يا أميرَ المؤمنين ذاك رجل محاسنه أكثر من مساويه؛ لا تصرف به إلى طَبَقة إلا انتصف منهم: فمهما تخوّفت عليه؛ فإنه لن يأتي أمرًا يُعتذر منه؛ لأنه قسّم أيامَه بين أيام الفضل، فجعل لكل خلُق نوْية، إذا نظرت في أمرِه لم تدر أيّ حالاته أعجب! إما هداه إليه عقله؛ أم إما اكتسبه بالأدب، قال: لقد مدحتَه على سوء رأيك فيه! قال: لأنّه فيما قلت كما قال الشاعر:

كفى شكرًا بما أَسْديتَ أَنِّي ... مدَحتُك في الصَّديق وفي عِداتِي

قال: فأعجب المأمونَ كلامُه، واسترجح أدبه.

* * *

وحجّ بالناس في هذه السنة عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد (?).

ثم دخلت سنة أربع عشرة ومائتين ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث

فممّا كان فيها من ذلك مقتل محمد بن حُميد الطوسيّ، قتله بابك بهَشْتَادْسَر، يوم السبت لخمس ليال بقين من شهر ربيع الأول، ورفض عسكره، وقتل جمعًا كثيرًا ممن كان معه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015