مفارقة. ثم وضع على مراصد الطرق ثقاتٍ من الحرّاس لا يجوز عليهم إلا من لا يدخل الظِّنة في أمره ممن أتى بجواز في مخرجه إلى دار مآبه، أو تاجر معروف مأمون في نفسه ودينه، ومُنع الأشتاتات من جواز السُّبل والقَطْع بالمتاجر والوُغول في البلدان في هيئة الطارئة والسابلة، وفُتِّشَت الكُتُب (?).
وكان - فيما ذكر - أوّل مَنْ أقبل من قِبَل محمد مناظرًا في منعه ما كان سأل جماعة، وإنما وُجِّهوا ليعْلَمَ أنهم قد عاينوا وسمعوا، ثم يلتمس منهم أن يبذلوا أو يحرموا فيكون مما قالوا حجة يحتجّ بها، أو ذريعة إلى ما التمس [منها]. فلما صاروا إلى حدّ الريّ، وجدوا تدبيرًا مؤبَّدًا، وعَقْدًا مستحصَدًا متأكدًا، وأخذتهم الأحراس من جوانبهم، فحفظوا في حال ظعنهم وإقامتهم من أن يخبِروا أو يستخبَروا، وكُتب بخبرهم من مكانهم. فجاء الإِذن في حملهم فحملوا محروسين، لا خبرَ يصل إليهم، ولا خبر يتطلع منهم إلى غيرهم، وقد كانوا مُعَدِّين لبثّ الخبر في العامة وإظهار الججةِ بالمفارقة والدعاء لأهل القوّة إلى المخالفة، يبذلون الأموال، ويضمنون لهم معظم الولايات والقطائع والمنازل، فوجدوا جميع ذلك ممنوعًا محسومًا، حتى صاروا إلى باب المأمون.
وكان الكتاب النافذ معهم إلى المأمون:
أما بعد، فإن أمير المؤمنين الرّشيد وإن كان أفردك بالطَرْف، وضمّ ما ضمّ إليك من كُور الجبل، تأييدًا لأمرك، وتحصينًا لطرْفك، فإنّ ذلك لا يُوجب لك فضلة المال عن كفايتك. وقد كان هذا الطَّرْف وخراجه كافيًا لحدثه، ثم تتجاوز