فخرج إليه صارمٌ مولَى عديّ بن وتّاد وصاحب رايته، فحمل على بُكَير بن هارونَ البجَليّ، فاضطرَبا بسيفَيهما، فلم تعمل ضربةُ مولَى عديّ شيئًا، وضربه بكير بالسَّيف فقتَله، ثمّ استقدم، فقال: فارس لفارس، فلم يخرج إليه أحدٌ، فجعل يقول:

صَارِمُ قَدْ لَاقَيْت سيْفًا صَارِما ... وأَسَدًا ذا لِبْدَة ضُبَارِمَا

قال: ثمّ إنّ الحجّاج بن جارية حَمل وهو في الميمنة على عُمر بنِ هبيرة وهو في الميسرة، وفيها الطُّفَيل بن عامر بن واثلة، فالتقى هو والطُّفيل - وكانا صديقَين متآخيَيْن - فتعارَفا، وقد رَفع كُلّ واحد منهما السيفَ على صاحبه، فكفَّا أيديَهما، واقتتلوا طويلًا، ثمّ إنّ ميسرة عديّ بن وتّاد زالت غيرَ بعيد، وانصرف الحجاج بنُ جارية إلى موقفه، ثمّ إن الربيع بنَ يزيد حَمَل على عبد الله بن زُهير، فاقتتلوا طويلًا، ثمّ إن جماعة الناس حملتْ على الأسَديّ فقتلتْه، وانكشفتْ ميسرةُ مطرّف بن المغيرة حتى انتهت إليه، ثمّ إنّ عمرَ بن هُبيرة حمل على الحجاج بن جارية وأصحابه فقاتَلَه قتالًا طويلًا، ثمّ إنه حذره حتى انتهى إلى مطرّف، وحمل ابن أقيصر الخثعميّ في الخَيْل على سليمان بن صخر المُزَنيّ فقتَله، وانكشفت خيلُهم، حتى انتهى إلى مطرّف، فثَمّ اقتتلتْ الفُرسان أشدّ قتال رآه الناس قطّ، ثمّ إنه وصل إلى مطرّف (?). (6/ 297 - 298).

قال أبو مِخنَف: فحدّثني النَّضْرَ بن صالح أنه جعل يناديهم يومئذ: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}.

قال: ولم يزل يقاتل حتى قُتل، واحتزّ رأسَه عُمر بنُ هبيرة، وذكر أنه قتله، وقد كان أسرع إليه غيرُ واحد، غير أنّ ابن هُبيرة احتزَّ رأسه وأوفده إلى عديّ بن وتّاد وحظيَ به، وقاتل عُمر بن هبيرة يومئذ وأبلى بلاءً حسنًا (?). (6/ 298 - 299).

قال أبو مخنف: وقد حدّثني حكيم بن أبي سفيان الأزديّ أنه قتل يزيد بن زياد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015