أما بعد، فإذا قرأتَ كتابي هذا فانهض بثلاثة أرباعِ مَن معك من أهل الرّيّ، ثمّ أقبِل حتى تمرّ بالبراء بن قبيصَة بجَيّ، ثم سِيرَا جميعًا، فإذا لقيتهما فأنتَ أمير الناس حتى تقتل الله مطرّفًا، فإذا كَفَى الله المؤمنينَ مؤُنتَه فانصرِف إلى عملك في كَنَف من الله وكَلاءتِهِ وسِتره، فلما قرأتهُ قال لي: قمْ، وتجهزْ.
قال: وخرج فعسكَرَ، ودعا الكتّاب فضَربَوا البَعْث على ثلاثة أرباع الناس، فما مضت جمُعة حتى سرنا فانتهيْنا إلى جَيّ، ويُوافينا بها قبيَصة القُحافيّ في تِسعمئة من أهل الشام، فيهم عُمر بنُ هُبيرة، قال: ولم نلبث بجَيّ إلا يومين حتى نهض عديّ بن وتّاد بمن أطاعه من الناس ومعه ثلاثة آلافِ مُقاتِل من أهل الرّيّ وألف مُقاتِل مع البَراء بن قبيصة بعثهم إليه الحجّاج من الكوفة، وسبعمئة من أهل الشام، ونحو ألف رجل من أهلِ أصبَهان والأكراد، فكان في قريب من ستة آلاف مُقاتِل، ثمّ أقبلَ حتى دخل على مطرّف بن المغيرة (?). (6/ 295 - 296).
قال أبو مخِنَف: فحدّثني النّضر بنُ صالح، عن عبد الله بن علقمة، أن مطرّفًا لما بلغه مسيرُهم إليه خَندَق على أصحابه خَنْدقًا، فلم يزالوا فيه حتى قدموا عليه (?). (6/ 296).
قال أبو مِخنَف: وحدّثني يزيدُ مولى عبد الله بن زهير، قال: كنتُ مع مولاي إذ ذاك؛ قال: خرج عديّ بن وتّاد فعبّى الناسَ، فجعل على ميمنتهِ عبدَ الله بنَ زهير، ثمّ قال للبرَاء بن قبيصة: قُمْ في الميسرَة، فغَضب البراء، وقال: تأمرني بالوقوف في الميسرة وأنا أمير مِثلك! تلك خَيْلي في الميسرة، وقد بعثتُ عليها فارسَ مُضَرَ الطُّفَيل بن عامر بن واثلة؛ قال: فأنْهِيَ ذلك إلى عديّ بن وتّاد، فقال لابن أقيصر الخثعميّ: انطلِق فأنت على الخيل، وانطلِق إلى البَراء بن قبيصة فقل له: إنك قد أمِرت بطاعتي، ولست من الميمنة والميسرة والخيل والرّجالة في شيء، إنما عليك أن تؤمَر فتُطيع، ولا تَعرض لي في شيء أكرهه فأتنكّر لك - وقد كان له مُكرِمًا.