الذي أصيب بمَرْو، فأجمعوا على قتال ابن خازم، وولَّوا عليهم الحَريشَ بنَ هلال القُرَيْعيّ. (5/ 624).
قال: فأخبرني أبو الفوَارس عن طُفيل بن مرداس، قال: أجمع أكثر بني تميم على قتال عبد الله بن خازم، قال: وكان مع الحريش فرسان لم يدرك مثلهم، إنما الرجل منهم كتيبة؛ منهم شمّاس بن دِثار، وبحير بن ورقاء الصُّريميّ، وشعبة بن ظَهير النَّهشَليّ، ووَرْد بن الفلق العنْبريّ، والحجّاج بن ناشب العدويّ - وكان من أرْمى الناس - وعاصم بن حبيب العدويّ، فقاتل الحريشُ بن هلال عبدَ الله بن خازم سنتين.
قال: فلمّا طالت الحرب والشرّ بينهم، ضَجِروا، قال: فخرج الحريش فنادى ابنَ خازم، فخرج إليه فقال: قد طالت الحرب بيننا؛ فعلامَ تقتل قومي وقومك! ابرز لي، فأيُّنا قتل صاحبَه صارت الأرض له؛ فقال ابن خازم: وأبيك لقد أنصفتني، فبرز له، فتصاولا تصاوُلَ الفَحلَين، لا يقدر أحدٌ منهما على ما يريد، وتغفَّل ابن خازم غفلة، وضربه الحُرَيش على رأسه، فرمى بفَرْوة رأسه على وجهه، وانقطع رِكابا الحريش، وانتزع السيف، قال: فلزم ابن خازم عُنُق فرسه راجعًا إلى أصحابه وبه ضربة قد أخذتْ من رأسه، ثم غاداهم القتال، فمكثوا بذلك بعد الضربة أيّامًا؛ ثم ملّ الفريقان فتفرّقوا ثلاثَ فِرَق، فمضى بحير بن ورقاء إلى أبَرْشَهْر في جماعة، وتوجَّه شمّاس بن دثار العُطارديّ ناحيةً أخرى، وقيل: أتى سِجسْتان، وأخذ عثمان بن بشر بن المحتفز إلى فَرْتَنا، فنزل قصرًا بها، ومضى الحريش إلى ناحية مَرْوَ الرُّوذ، فاتبعه ابن خازم، فلحقه بقرية من قُراها يقال لها قرية الملحمة - أو قصر الملحمة - والحريش بن هلال في اثنَيْ عشر رجلًا؛ وقد تفرّق عنه أصحابه؛ فهم في خَرِبة؛ وقد نصب رماحًا كانت معه وتِرَسةً.
قال: وانتهى إليه ابنُ خازم، فخرج إليه في أصحابه، ومع ابن خازم مولىً له شديد البأس، فحمل على الحريش فضربه فلم يصنع شيئًا، فقال رجل من بني ضبّة للحرِيش: أما ترى ما يصنع العبد! فقال له الحريش: عليه سلاح كثير، وسيفي لا يعمل في سلاحه، ولكن انظر لي خشبةً ثقيلة؛ فقطع له عودًا ثقيلًا من عُنَّاب - ويقال له: أصابه في القصر - فأعطاه إيّاه؛ فحمل به على مولى ابن خازم؛