لما أجيب إلى ما سأل وجه ابنه حبيبًا في ستمئة فارس إلى عمرو والقَنَا، وهو معسكر خلْف الجسر الأصغر في ستمئة فارس، فأمر المهلب بعقد الجسر الأصغر، فقطع حبيب الجسر إلى عمرو ومَن معه؛ فقاتلهم حتى نفاهم عما بين الجسر، وانهزموا حتى صاروا من ناحية الفُرات، وتجهّز المهلب فيمن خفّ من قومه معه، وهم اثنا عشر ألف رجل، ومن سائر الناس سبعون رجلًا، وسار المهلب حتى نزل الجسر الأكبر، وعمرو القنا بإزائه في ستمئة.
فبعث المغيرة بن المهلب في الخيل والرّجالة، فهزمتهم الرّجالة بالنّبل، واتبعتهم الخيل، وأمر المهلب بالجسر فعُقد، فعَبر هو وأصحابه، فلحق عمرو القنا حينئذ بابن الماحوز وأصحابه، وهو بالمفْتَح، فأخبروهم الخبر، فساروا فعسكروا دون الأهواز بثمانية فراسخ، وأقام المهلَّب بقية سنته، فجبَى كُوَر دِجْلة، ورَزَقَ أصحابَه، وأتاه المدَد من أهل البصرة لما بلغهم ذلك؛ فأثبتهم في الديوان وأعطاهم حتى صاروا ثلاثين ألفًا (?). (5/ 620 - 621).
قال أبو جعفر: فعلَى قول هؤلاء كانت الوقعة التي كانت فيها هزيمة الأزارقة وارتحالهم عن نواحي البصرة والأهواز إلى ناحية أصبِهَان وكرمان في سنة ست وستين، وقيل: إنهم ارتحلوا عن الأهواز وهم ثلاثة آلاف، وإنه قتل منهم في الوقعة التي كانت بينهم وبين المهلَّب بسلّى وسلّبرى سبعة آلاف. (5/ 621 - 622).
* * *
قال: أبو جعفر: وفي هذه السنة وجه مرْوان بن الحكم قبل مهلكه ابنه محمّدًا إلى الجزيرة، وذلك قبل مسيره إلى مصر. (5/ 622).
* * *
وفي هذه السنة عزل عبد الله بن الزّبير عبدَ الله بن يزيد عن الكوفة، وولّاها عبد الله بن مطيع، ونزع عن المدينة أخاه عبيدة بن الزبير، وولّاها أخاه مُصعب بن الزبير، وكان سبب عزله أخاه عبيدة عنها أنه - فيما ذكر الواقديّ - خَطَب الناس فقال لهم: قد رأيتم ما صُنع بقوم في ناقة قيمتها خمسمئة درهم،