بدم الحسين، وقَتَلة الحسين كلهم بالكوفة، منهم عمر بن سعد بن أبي وقّاص، ورؤوس الأرباع وأشراف القبائل، فأنّى نذهب ها هنا وندع الأقتال والأوتار! فقال سليمان بن صُرَد: فماذا ترون؟ فقالوا: والله لقد جاء برأيٍ، وإنّ ما ذكر لكما ذكر، والله ما نلقى من قتَلةِ الحسين إن نحن مضينا نحو الشام غيرَ ابن زياد، وما طِلبَتُنا إلا ها هنا بالمِصْر؛ فقال سليمان بن صُرَد: لكن أنا ما أرى ذلك لكم، إنّ الذي قتل صاحبكم، وعَبّأ الجنودَ إليه، وقال: لا أمانَ له عندي دون أن يستسلم فأمضِي فيه حُكمي هذا الفاسق ابن الفاسق ابن مَرْجانة، عبيد الله بن زياد؛ فسيروا إلى عدوّكم على اسم الله؛ فإن يُظهركم الله عليه رجَوْنا أن يكون مَن بعده أهونَ شوكةً منه، ورجونا أن يدين لكم مَن وراءكم من أهل مَصْركم في عافية، فتنظرون إلى كل مَن شرك في دم الحسين فتقاتلونه ولا تغشموا، وإن تُستشهُدوا فإنما قاتلتم المحلِّين، وما عندَ اللهِ خيرٌ لِلأَبْرارِ والصدّيقين؛ إني لأحبّ أن تجعلوا حدَّكم وشوكتَكم بأوّل المحلِّين القاسطين. والله لو قاتلتم غدًا أهلَ مصركم ما عدم رجلٌ أن يرى رجلًا قد قتل أخاه وأباه وحميمَه، أو رجلًا لم يكن يريد قتله؛ فاستخيروا الله وسيروا. فتهيَّأ الناس للشخوص. قال: وبلغ عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة خروجُ ابن صُرَد وأصحابه، فنظروا في أمرهما، فرأيا أن يأتياهم فيَعرِضا عليهم الإقامة، وأن تكون أيديهم واحدةً، فإن أبوْا إلا الشخوص سألوهم النّظِرَةَ حتى يعبّوا معهم جيشًا فيقاتلوا عدوّهم بكثفٍ وحدٍّ؛ فبعث عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمد بن طلحة سويدَ بن عبد الرحمن إلى سليمان بن صُرَد، فقال له: إنّ عبد الله وإبراهيم يقولان: إنَّا نريد أن نجيئك الآن لأمر عسى الله أن يَجعل لنا ولك فيه صلاحًا؛ فقال: قل لهما فليأتيانا، وقال سليمان لرِفاعة بن شدّاد البَجَليّ: قمْ أنت فأحسِن تَعبئةَ الناس؛ فإنّ هذين الرجلين قد بعثا بكَيتَ وكَيتَ، فدعا رؤوس أصحابه فجلسوا حولَه فلم يمكثوا إلا ساعةً حتى جاء عبد الله بن يزيدَ في أشراف أهل الكوفة والشُّرَط وكثير من المقاتِلة، وإبراهيم بن محمد بن طلحة في جماعة من أصحابه، فقال عبد الله بن يزيد لكلّ رجل معروف قد علم أنه قد شَرّك في دم الحسين: لا تصحبنِّي إليهم مخافة أن ينظروا إليه فيَعدُوا عليه؛ وكان عمر بن سعد تلك الأيام التي كان سليمان معسكِرًا فيها بالنُّخيلة لا يبيت إلا في قصر الإمارة مع عبد الله بن يزيد مخافة أن يَأيتَه القوم في داره، ويذمُروا عليه في بيته وهو فاعل