سيِّدها، الحسين بن عليّ، فوربِّك لأقتلنّ بقتله عِدّةَ القتلى التي قتلت على دم يَحيَى بن زكريا عليه السلام؛ قال: فقلت له: سبحان الله! وهذه أعجوبة مع الأحدوثة الأولى؛ فقال: هو ما أقول لك فاحفظه عنّي حتى ترى مصداقَه. ثمّ حرّك راحلته، فمضَى ومضيت معه ساعةً أدعو الله له بالسلامة، وحُسنِ الصحابة. قال: ثمّ إنّه وقف فأقسم عليّ لما انصرفتُ، فأخذتُ بيده! فودّعته، وسلمت عليه، وانصرفت عنه، فقلت في نفسي: هذا الذي يذكر لي هذا الإنسان - يعني المختار - مما يزعم أنه كائن، أشيءٌ حدّث به نفسه! فوالله ما أطلَع الله على الغيب أحدًا، وإنما هو شيءٌ يتمنَّاه فيرى أنه كائن، فهو يوجب رأيَه، فهذا والله الرأيُ الشعاع، فوالله ما كلّ ما يرى الإنسان أنه كائن يكون، قال: فوالله ما مُتّ حتى رأيتُ كلّ ما قاله، قال: فوالله لئن كان ذلك من علمٍ ألقيَ إليه لقد أثبِتَ له، ولئن كان ذلك رأيًا رآه، وشيئًا تمنّاه، لقد كان (?). (5/ 571 - 573).
قال أبو مخنف: فحدّثني الصقعب بن زهير، عن ابن العِرْق، قال: فحدّثت بهذا الحديث الحجَّاج بن يوسف، فضحك ثم قال لي: إنه كان يقول أيضًا:
ورافِعةٍ ذيلَهَا ... وداعِيَة وَيْلَها
بِدِجْلَةَ أَوْ حَوْلَها
فقلت له: أترى هذا شيئًا كان يخترعه، وتخرُّصًا يتخرّصُه، أم هو من علم كان أوتيَه؟ فقال: والله ما أدري ما هذا الذي تسألني عنه، ولكن لله دَرُّهُ! أيّ رجل دينًا، ومِسْعَرَ حرب، ومقارعَ أعداء كان! (?) (5/ 573).
قال أبو مخنف: فحدّثني أبو سيف الأنصاريّ من بني الخزرج، عن عباس بن سهل بن سعد، قال: قدم المختار علينا مكة، فجاء إلى عبد الله بن الزبير وأنا جالسٌ عنده، فسلّم عليه، فردّ عليه ابن الزبير، ورحّب به، وأوسع له، ثم قال: حدِّثني عن حال الناس بالكوفة يا أبا إسحاق؛ قال: هم لسلطانهم في العلانية أولياء، وفي السرّ أعداء؛ فقال له ابن الزبير: هذه صفة عَبيد السوء، إذا رأوا أربابَهم خدموهم وأطاعوهم، فإذا غابوا عنهم شَتَموهم ولعنوهم. قال: فجلس