فذُكر عن محمد بن إسحاق بن مهران، أنه قال: كان بباخَمْرى ناسٌ من آل طلحة فمخرُوها على إبراهيم وأصحابه، وبثقُوا الماء، فأصبح أهل عسكره مرتطمين في الماء، وقد زعم بعضهم أن إبراهيم هو الذي مخرَ ليكون قتاله من وجه واحد؛ فلما انهزموا منعهم الماء من الفرار، فلما انهزم أصحاب إبراهيم وثبتَ معه جماعة من أصحابه يقاتلون دونه، اختلف في مبلغ عدَدهم، فقال بعضهم: كانوا خمسمئة، وقال بعضهم: كانوا أربعمئة، وقال بعضهم: بل كانوا سَبعين.
فحدثني الحارث، قال: حدّثنا ابن سعد، قال: قال محمد بن عمر: لما انهزم أصحاب عيسى بن موسى وثبت عيسى مكانه، أقبل إبراهيم بن عبد الله في عسكره يدنُو ويدنو غبارُ عسكره؛ حتى يراه عيسى ومَنْ معه؛ فبيناهم على ذلك إذا فارس قد أقبل وكرّ راجعًا يجري نحو إبراهيم، لا يعرّج على شيء؛ فإذا هو حُميد بن قحطبة قد غيّر لأمته، وعصَب رأسه بعصابة صفراء، فكرّ الناس يتبعونه حتى لم يبق أحدٌ ممن كان انهزم إلا كرّ راجعًا، حتى خالطوا القوم، فقاتلوهم قتالًا شديدًا حتى قَتل الفريقان بعضهم بعضًا، وجعل حُمَيد بن قحطبة يرسل بالرؤوس إلى عيسى بن موسى إلى أن أتي برأس ومعه جماعة كثيرة وضجة وصياح، فقالوا: رأس إبراهيم بن عبد الله، فدعى عيسى بن موسى بن أبي الكرام الجعفريّ، فأراه إياه، فقال: ليس هذا؛ وجعلوا يقتتلون يومهم ذلك؛ إلى أن جاء سهم عائر لا يُدْرَى من رمى به، فوقع في حَلْق إبراهيم بن عبد الله فنحرَه، فتنحَّى عن موقفه، فقال: أنزلوني، فأنزلوه عن مركبه، وهو يقول: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (?)، أردنا أمرًا وأراد الله غيره؛ فأنزِل إلى الأرض وهو مثخَنٌ، واجتمع عليه أصحابه وخاصّته يحمونه ويقاتلون دونه، ورأى حُمَيد بن قحطبة اجتماعهم، فأنكرهم فقال لأصحابه: شدّوا على تلك الجماعة حتى تزيلوهم عن موضعهم، وتعلَموا ما اجتمعوا عليه، فشدُّوا عليهم، فقاتلوهم أشدّ القتال حتى أفرجوهم عن إبراهيم، وخلصوا إليه فحزُّوا رأسه؛ فأتوا به عيسى بن موسى، فأراه ابنَ أبي الكرام الجعفريّ، فقال: نعم؛