قال: وحدّثني محمد بن يحيى، قال: حدّثني الحارث بن إسحاق، قال: وقتل السودان نفرًا من الجُنْد، فهابهم الجند حتى أن كان الفارس ليلقى الأسود وما عليه إلا خِرْقتان على عَوْرته ودُرّاعة، فيولِّيه دُبُره احتقارًا له، ثم لم ينشب أن يشدّ عليه بعمود من عُمُد السوق فيقتله: فكانوا يقولون: ما هؤلاء السودان إلا سَحرة أو شياطين! [7/ 609 - 611].

وحدّثني محمد بن الحسن بن زَبالة، قال: حدّثني الحسين بن مُصعب، قال: لما خرج السودان وهرب ابن الرّبيع، جئتُهم أنا وجماعة معي، وقد عسكروا في السوق، فسألناهم أن يتفرّقوا، وأخبرناهم أنّا وإياهم لا نقوى على ما نصبو له، قال: فقال لنا وثيق: إنّ الأمر قد وقع بما تروْن؛ وهو غير مبقٍ لنا ولا لكم، فدعونا نشفِكم ونشتفِ أنفسنا، فأبينا، ولم نزل بهم حتى تفرّقوا.

وحدّثني عمر بن راشد، قال: كان رئيسهم وثيق وخليفته يعقل الجزّار.

قال: فدخل عليه ابنُ عمران، قال: إلى مَنْ تعهد يا وثيق؟ قال: إلى أربعة من بني هاشم، وأربعة من قُريش، وأربعة من الأنصار، وأربعة من الموالي؛ ثم الأمر شورى بينهم، قال: أسأل الله إن ولاك شيئًا من أمرنا أن يرزقَنا عدلك، قال: قَدْ والله ولّانيه الله.

قال: وحدّثني محمد بن يحيى، قال: حدّثني الحارث بن إسحاق، قال: حضر السوُّدان المسجد مع ابن أبي سَبْرة، فرَقِيَ المنبر في كَبْل حديد حتى استوَى في مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتبعه محمد بن عمران، فكان تحته، وتبعهم محمد بن عبد العزيز فكان تحتهما، وتبعهم سليمان بن عبد الله بن أبي سَبْرة، فكان تحتهم جميعًا؛ وجعل الناس يلغطون لغطًا شديدًا، وابن أبي سبرة جالسٌ صامتٌ، فقال ابن عمران: أنا ذاهبٌ إلى السوق، فانحدر وانحدر مَنْ دونه، وثبت ابن أبي سَبْرة فتكلَّم فحثّ على طاعة أمير المؤمنين؛ وذكر أمر محمد بن عبد الله فأبلغ.

ومضى ابن عمران إلى السوق، فقام على بَلَاسٍ من بُلُس الحنطة، فتكلم هناك، فتراجع الناسُ، ولم يصلّ بالناس يومئذ إلا المؤذّن، فلما حضرت العشاء الآخرة وقد ثاب الناس، فاجتمع القرشيَون في المقصورة، أقام الصلاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015