ثم التقيا فضربه صاحب محمد ضربة على خُوذة حديد على رأسه، فأقعده على استِه وقِيذًا لا حراك به، ثم انتزع الخُوذة، فضرب رأسه فقتله، ثم رجع فدخل في أصحابه، فلم ينشب أنْ خرج من صفّ عيسى آخر؛ كأنه صاحبه، فبرز له الرّجُل الأوّل، فصنع به مثل ما صنع بصاحبه، ثم عاد إلى صفّه، وبرز ثالث فدعاه، فبرز له فقتله، فلما قتل الثالث ولّى يريد أصحابه، فاعتوره أصحاب عيسى فرموْه فأثبتوه، وأسرع يريد أصحابَه، فلم يبلغهم حتى خرَّ صريعًا فقتلوه دونهم.

وحدّثني عيسى، قال: أخبرني محمد بن زيد، قال: لما أخبرْنا عيسى برميهم إيانا، قال لُحميد بن قَحْطبة: تقدّم، فتقدم في مئة كلهم راجل غيره معهم النشاب والترسة، فلم يلبثوا أن زحفوا إلى جدار دون الخندق، عليه أناس من أصحاب محمد، فكشفوهم ووقفوا عند الجدار، فأرسل حُميد إلى عيسى بهدْم الجدار، قال: فأرسل إلى فَعَلة فهدموه، وانتهوا إلى الخندق، فأرسل إلى عيسى: إنا قد انتهينا إلى الخندق، فأرسل إليه عيسى بأبواب بقدر الخندق، فعبروا عليها؛ حتى كانوا من ورائه، ثم اقتتلوا أشدّ القتال من بُكْرة حتى صار العصر.

وحدّثني الحارث، قال: أخبرنا ابنُ سعد، قال: قال محمد بن عمر: أقبل عيسى بن موسى بمَنْ معه، حتى أناخ على المدينة، وخرج إليه محمد بن عبد الله ومَنْ معه، فاقتتلوا أيامًا قتالًا شديدًا، وصبَر نفر من جُهينة، يقال لهم بنو شجاع مع محمد بن عبد الله، حتى قُتِلوا وكان لهم غَناء.

* * *

رجع الحديث إلى حديث عمر: حدثني أزهر، قال: أمرهم عيسى فطرحوا حقائب الإبل في الخندق فأمر ببابي دار سعد بن مسعود التي في الثنيّة فطُرحا على الخندق؛ فجازت الخيل، فالتقوْا عند مفاتح خشْرم، فاقتتلوا حتى كان العصر.

حدثني محمد بن يحيى، قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي ثابت، قال: انصرف محمد يومئذ قبل الظهر حتى جاء دار مَرْوان، فاغتسل وتحنّط، ثم خرج، قال عبد العزيز بن أبي ثابت: فحدّثني عبد الله بن جعفر، قال: دنوتُ منه، فقلت له: بأبي أنت! إنه والله ما لك بما رأيتَ طاقة، وما معك أحد يصدُق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015