الرّسل لا تقتل لضربتُ عنقك؛ لأني لم أرك منذ كنت غلامًا في فرقتين؛ خير وشرّ، إلّا كنتَ مع الشرّ على الخير، وأرسل محمد إلى عيسى: يا هذا؛ إنّ لك برسول الله قرابةً قريبةً، وإني أدعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه والعمل بطاعته، وأحذرك نقمته وعذابه؛ وإني والله ما أنا بمنصرف عن هذا الأمر حتى ألقى الله عليه؛ فإياك أن يقتلك مَنْ يدعوك إلى الله، فتكون شرّ قتيل، أو تقتله فيكون أعظمَ لوزرك، وأكثر لمأثمك، فأرسل هذه الرسالة مع إبراهيم بن جعفر، فبلّغه، فقال: ارجعْ إلى صاحبك، فقل له: ليس بيينا إلّا القتال.

قال: وحدّثني إبراهيم بن محمد بن أبي الكرام بن عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن جعفر، قال: أخبرني أبي، قال: لما قرب عيسى من المدينة، أرسلني إلى محمد بأمانه، فقال لي محمد: علام تقاتلونني وتستحلّون دمي، وإنما أنا رجل فرَّ من أن يَقْتل! قال: قلت: إنّ القوم يدعونك إلى الأمان، فإن أبَيت إلّا قتالهم قاتلوك على ما قاتل عليه خير آبائك عليٌّ وطلحةَ والزبير؛ على نكث بيعتهم وكيد ملكهم، والسعي عليهم، قال: فأخبرتُ بذلك أبا جعفر، فقال: والله ما سرّني أنك قلت له غير ذلك، وأن لي كذا وكذا.

قال: وحدّثني هشام بن محمد بن عُروة بن هشام بن عروة، قال: أخبرني ماهان بن بخت مولى قحطبة، قال: لما صرْنا بالمدينة أتانا إبراهيم بن جعفر بن مصعب طليعة، فطاف بعسكرنا حتى حسّه كله، ثم ولّى ذاهبًا.

قال: فرعبنا منه والله رعْبًا شديدًا؛ حتى جعل عيسى وحميد بن قَحْطبة يعجبان فيقولان: فارس واحد طليعةً لأصحابه! فلما ولّى مَدَى أبصارنا نظرنا إليه مقيمًا بموضع واحد، فقال حميد: ويحكم! انظروا ما حالُ الرجل؛ فإني أرى دابته واقفًا (?) لا تَزول؛ فوجّه إليه حميد رجلين من أصحابه، فوجدا دابته قد عثر به؛ فصرعه فقوّس التنور عنقه، فأخذا سلبه، فأتِينا بتنور - قيل إنه كان لمصعب بن الزبير - مُذْهب لم يُرَ مثله قطّ.

قال: وحدّثني محمد بن يحيى، قال: حدّثني الحارث بن إسحاق، قال: نزل عيسى بقصر سليمان بالجُرْف، صَبِيحة ثنتي عشرة من رمضان من سنة خمس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015