بيعة العقبة الثانية

44 - فحدّثنا ابنُ حميد، قال: حدَّثنا سَلمة، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني مَعْبَد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القيْن، أخو بني سَلمة، أنّ أخاه عبد الله بن كَعْب - وكان من أعلم الأنصار - حدّثه أنّ أباه كعب بن مالك حدّثه - وكان كعب ممّن شهد العقبَة، وبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها- قال: خرجنا في حُجّاج قومنا، وقد صلّينا وفقهنا، ومعنا البَراءُ بن مَعْرُور، سيّدُنا وكبيرنا. فلمّا وُجّهنا لسفرنا، وخرجنا من المدينة، قال البرَاء لنا: والله يا هؤلاء، إني قد رأيتُ رأيًا، والله ما أدري أتُوافقونني عليه أم لا! قال: فقلنا: وما ذاك؟ قال: قد رأيتُ ألّا أدعَ هذه البنيَّة منّي بظهر -يعني الكعبة- وأنْ أصلِّيَ إليها. قال: فقلنا: والله ما بلغنا عن نبيّنا أنه يصلي إلّا إلى الشام، وما نريدُ أن نخالفه. قال: فقال: إنّي لمُصلٍّ إليها، قال: فقلنا له: لكنَّا لا نفعل، قال: فكنَّا إذا حضرت الصّلاة صلّينا إلى الشام، وصلى إلى الكعبة حتى قدمنا مكة.

قال: وقد عِبْنا عليه ما صنَع، وأبَى إلّا الإقامة على ذلك، فلما قدِمْنَا مكّة قال لي: يا بنَ أخي، انطلِقْ بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى أسأله عمّا صنعتُ في سفري هذا، فإنّي والله لقدْ وقعَ في نفسي منه شيء؛ لما رأيت من خِلافكم إيَّاي فيه.

قال: فخرجنْا نسأل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكنّا لا نعرفه، ولم نرَهُ قبل ذلك - فلقينا رجُلًا من أهلِ مكّة، فسألناه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هل تعرفانه؟ قلنا. لا، قال: فهل تعرفان العبّاس بن عبد المطّلب عمّه؟ قلنا: نعم - قال: وقد كنا نعرف العبّاس، كان لا يزال يقدمُ علينا تاجرًا - قال: فإذا دخلتما المسجد فهو الرّجل الجالس مع العباس بن عبد المطلب، قال: فدخلنا المسجد؛ فإذا العبّاس جالس ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس مع العبّاس؛ فسلّمنا؛ ثم جلسنا إليه، فقال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015