رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد جدّه، وكان يكون معه. ثم إن أبا طالب خرج في ركب من قريش إلى الشَّام تاجرًا، فلمّا تهيّأ للرحيل وأجمع السير ضَبّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يزعمون- فرقّ له أبو طالب، فقال: والله لأخرجنّ به معي، ولا يفارقني ولا أفارقه أبدًا، أو كما قال: فخرج به معه، فلمّا نزل الركب بُصْرى من أرض الشأم، وبها واهب يقال له بَحِيرَى في صومعة له، وكان ذا علم من أهل النّصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة مذ قطّ واهب، إليه يصير علمهم عن كتاب - فيما يزعمون - يتوارثونه كابرًا عن كابر، فلما نزلوا ذلك العام ببحِيرَى، صنع لهم طعامًا كثيرًا، وذلك أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في صومعته، عليه غمامة تُظلّه من بين القوم، ثم أقبلوا حتى نزلوا في ظلّ شجرة قريبًا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلّت الشّجرة، وتهصّرت أغصان الشجرة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى استظلّ تحتها، فلما رأى ذلك بحيرى، نزل من صومعته، ثم أرسل إليهم فدعاهم جميعًا، فلما رأى بحِيرَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يلحظه لحظًا شديدًا، وينظر إلى أشياء من جَسده قد كان يجدُها عنده من صفته. فلما فرغ القوم من الطّعام وتفرّقوا، سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء في حاله؛ في يقَظتِهِ وفي نومه، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُخبِرُه فيجدُها بَحيرى موافقةً لما عنده من صِفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتَم النبوّة بين كَتِفَيه، ثم قال بَحِيرى لعمّه أبي طالب: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني، فقال له بَحِيرى: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حَيًّا. قال: فإنه ابنُ أخي، قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمّه حُبْلى به، قال: صدقتَ، ارجع به إلى بلدك، واحذَرْ عليه يَهُود؛ فوالله لِئنْ رأوه وعرفوا منه ما عرفْتُ، ليبغُنَّه شرًّا، فإنه كائن له شأن عظيم، فأسرع به إلى بلده، فخرج به عمّهُ سريعًا حتى أقدمه مكَّة.

وقال هشام بن محمَّد: خرج أبو طالب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بُصْرَى من أرْضِ الشأم؛ وهو ابنُ تسع سنين (?). (2: 277).

حدّثني العباس بن محمد، قال: حدَّثنا أبو نوح، قال: حدَّثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبي موسى، قال: خرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015