قال: وحدّثني بعضُ علمائنا: أنّ أبا بكْرة أقبل في اليوم السابع وقد طلعت الشمس، وأخرج بُسْر بني زياد ينتظر بهم غروبَ الشمس ليقتلَهم إذا وجبتْ، فاجتمع الناس لذلك وأعينُهم طامحة ينتظرون أبا بكْرة؛ إذ رُفِع علم على نَجِيب أو برْذَون يكُدّه ويجهده، فقام عليه، فنزل عنه، وألاح بثوبه، وكبّر وكبّر الناسُ، فأقبل يسعى على رجليه حتى أدرك بُسْرًا قبل أن يقتلَهم، فدفع إليه كتابَ معاوية، فأطلقهم (?). (5: 167).
حدّثني عمر، قال: حدّثنا عليّ بن محمد، قال: خطب بُسْر على مِنبرِ البَصرة، فَشتَم عليًّا عليه السلام، ثم قال: نشدْت الله رجلًا عَلِم أني صادق إلا صَدّقني، أو كاذب إلا كذّبني! قال: فقال أبو بكْرة: اللهمّ إنا لا نعلمك إلا كاذبًا؛ قال: فأمَر به فخُنِق، قال: فقام أبو لؤلؤة الضّبيّ فرمى بنفسه عليه، فمنعه، فأقطعه أبو بكْرة بعد ذلك مئةَ جَريب. قال: وقيل لأبي بكْرة: ما أردتَ إلى ما صنعت! قال: أيُناشِدُنا بالله ثم لا نصدّقه! قال: فأقام بُسْر بالبَصرة ستّة أشهر، ثم شَخَص لا نَعلَمه ولَّى شرطتَه أحدًا (?). (5: 167/ 168).
حدّثني أحمد بن زهير، قال: حدّثنا عليّ، قال: أخبرني شيخٌ من ثَقيف، عن بُسر بن عُبيد الله، قال: خرج أبو بَكْرة إلى معاويةَ بالكوفة فقال له معاوية: يا أبا بَكْرة، أزائرًا جئتَ أم دعتْك إلينا حاجة؟ قال: لا أقول باطلًا، ما أتيتُ إلا في حاجة! قال: تُشَفَّع يا أبا بَكْرة ونرى لك بذلك فضلًا، وأنت لذلك أهل، فما هو؟ قال: تؤمّن أخي زيادًا وتكتب إلى بُسر بتَخْلية ولده وبترك التعرّض لهم؛ فقال: أما بنو زياد فنكتب لك فيهم ما سألت؛ وأما زياد ففي يده مالٌ للمسلمين، فإذا أدّاه فلا سبيل لنا عليه؛ قال: يا أميرَ المؤمنين، إن يكن عنده شيء فليس يحبسه عنك إن شاء الله. فكتب معاوية لأبي بكْرة إلى بُسْر ألّا يتعرّض لأحد من ولد زياد، فقال معاوية لأبي بَكْرة: أتعهد إلينا عهدًا يا أبا بكرة؟ قال: نعم، أعهد إليك يا أميرَ المؤمنين أن تنظرَ لنفسك ورعيّتك، وتعمل صالحًا فإنك قد تقلدت عظيمًا، خلافةَ الله في خلقه، فاتّق اللهَ فإنّ لك غاية لا تعدوها، ومن ورائك