49 - حدّثني القاسم بن الحسن، قال: حدَّثنا الحسين بن داود، قال: حدَّثني حَجّاج عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظِيّ ومحمد بن قيس، قالا: جلسَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ناد من أنديَةِ قريش، كثير أهله، فتمنّى يومئذ ألَّا يأتيَه من الله شيء فينفِروا عنه، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}، فقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا بلغ: {أَفَرَأَيتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} ألقى الشيطان عليه كلمتين: "تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى"، فتكلّم بهما، ثم مضى فقرأ السورة كلَّها، فسجد في آخر السورة، وسجد القوم معه جميعًا، ورفع الوليدُ بن المغيرة ترابًا إلى جبهته، فسجد عليه -وكان شيخًا كبيرًا لا يقدر على السُّجود- فرضُوا بما تكلَّم به، وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيي ويميت؛ وهو الذي يخلُق ويرزق؛ ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده؛ فإذا جعلت لها نصيبًا فنحن معك. قالا: فلما أمْسَى أتاه جبرئيل - عليه السلام -، فعرض عليه السورة، فلما بلغَ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه، قال: ما جئتُك بهاتين! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: افتريتُ على الله، وقلتُ على الله ما لم يقل، فأوحى الله إليه: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَينَا إِلَيكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ} إلى قوله: {ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيرًا}؛ فما زال مغمومًا مهمومًا، حتى نزلت: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

قال: فسمع مَنْ كان بأرض الحبَشة من المهاجرين أنّ أهلَ مكّة قد أسلمُوا كلّهم، فرجعوا إلى عشائرهم، وقالوا: هم أحبُّ إلينا، فوجدوا القوم قد ارتكسُوا حينَ نسخ الله ما ألقى الشيطان، ثم قام - فيما حدثنا ابنُ حُميد، قال: حدَّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، في نقضِ الصحيفة التي كانت قريش كتبت بينها علي بني هاشم وبني المطّلب - نفرٌ من قريش. وكان أحسنُهم بلاءً فيه هشام بن عمرو بن الحارث العامريّ، من عامر بن لؤيّ - وكان ابنَ أخي نضْلة بن هاشم بن عبد مناف لأمّه - وإنه مشى إلى زُهير بن أبي أميّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم - وكانت أمّه عاتكة بنتُ عبد المطلب - فقال: يا زهير، أرضيتَ أن تأكلَ الطعام، وتلبس الثياب، وتنكِح النساء، وأخوالُك حيث قد علمت؛ لا يبايعون ولا يبتاع منهم، ولا ينكِحون ولا ينكَح إليهم! أما إنّي أحلِفُ بالله لو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015