ووَليَ البيت عمرو بن ربيعة، وقال بنو قصّي: بل وَليَه عمرو بن الحارث الغُبْشانِيّ، وهو يقول:
ونَحْنُ وَلينا البَيتَ مِنْ بَعْدِ جُرْهُمِ ... لِنَعْمُرَهُ مِنْ كُلِّ باغٍ ومُلحِدِ
وقال:
وادٍ حَرَامٌ طَيرُهُ وَوَحْشُهُ ... نحْنُ وُلَاتُهُ فَلا نَغُشُّهُ
وقال عمرو بن الحارث:
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَينَ الحَجُونِ إلى الصَّفَا ... أنِيسٌ ولم يَسمُرْ بمَكَّةَ سامِرُ
بَلَى نَحْنُ كُنَّا أهْلَهَا فأبادَنَا ... صرُوفُ اللَّيالِي والجُدُودُ الْعَوائِرُ
وقال:
يا أيها النَّاسُ سِيرُوا إنَّ قَصْركُمُ ... أنْ تُصبِحُوا ذَاتَ يَوْمٍ لَا تَسيرونَا
كُنَّا أُناسًا كما كُنْتُمْ فغَيَّرَنا ... دهْرٌ، فأنْتُمْ كَمَا كُنَّا تَكُونُونا
حُثُّوا المَطِيَّ وأرْخُوا من أَزِمَّتَها ... قَبْلَ المماتِ وَقَضوا ما تُقَضُّونا
يقول: اعملوا لآخرتكم، وافرُغوا من حوائجكم في الدنيا. فولَيتْ خُزاعة البيتَ؛ غير أنه كان في قبائل مُضر ثلاث خلال: الإجازة بالحجّ للناس من عرفة، وكان ذلك إلى الغَوْث بن مُرّ - وهو صُحوفة - فكانت إذا كانت الإجازة قالت العرب: أجيزي صُحوفة. والثانية الإفاضة من جَمْع غداة النَّحر إلى مِنىً، فكان ذلك إلى بني زيد بن عَدْوان؛ فكان آخر مَنْ وليَ ذلك منهم أبو سَيَّارة عُمَيلة بن الأعزل بن خالد بن سعد بن الحارث بن وا بش بن زيد، والثالثة النَّسيءُ للشهور الحُرُم، فكان ذلك إلى القَلَمَّس، وهو حُذيْفَة بن فُقَيم بن عديّ من بني مالك بن كنانة، ثم بنيه حتي صار ذلك إلى آخرهم أبي ثمامة، وهو جُنادة بن عوْف بن أميّة بن قَلع بن حُذيفة. وقام عليه الإسلام، وقد عادت الحُرُم إلى أصلها، فأحكمها الله وأبطل النسيء؛ فلمّا كثرت معدّ تفرَّقت، فذلك قول مهلهل:
غَنِيَتْ دارُنا تِهامَةُ في الدَّ هـ ... ـــــــر وفِيها بنو مَعَدٍّ حُلُولا
وأما قريش، فلم يفارقوا مكّة، فلما حفر عبدُ المطّلب زمزم، وَجَدَ الغَزالين، غَزَالي الكعبة اللذين كانت جُرْهم دفنتْهما فيه، فاستخرجهما؛ وكان