885 - قال هشام بن محمّد: نكَح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خديجةَ؛ وهو ابنُ خمس وعشرين سنة، وخديجة يومئذ ابنةُ أربعين سنة.
حدَّثنا ابن حميد، قال: حدَّثنا سلمة عن ابن إسحاق، قال: كانت خديجة بنت خويلد بن أسَد بن عبد العُزّى بن قُصَيّ امرأة تاجرةً، ذات شرف ومال، تسْتتجِرُ الرجال في مالها، وتضاربُهم إيّاه بشىبء تجعله لهم منه، وكانت قريشٌ قومًا تجارًا؛ فلما بَلَغها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بلَغها من صِدْق حَدِيثه، وعِظَمِ أمانته، وكَرَم أخلاقه؛ بعثتْ إليه، فعرضت عليه أن يخرُج في مالها إلى الشأم تاجرًا، وتعطيَه أفضلَ ما كانت تُعْطِي غيرَه من التُّجَّار مع غلامٍ لها يقال له: مَيسرة. فقبله منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرج في مالها ذلك؛ وخرَج معه غلامها مَيسَرة؛ حتى قَدِما الشأم، فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ظِلّ شجرة قريبًا من صَوْمعة راهب من الرّهبان، فأطْلَع الراهب رأسه إلى مَيسرة فقال: مَنْ هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال له ميسرة: هذا رجلٌ من قريش، من أهل الحَرم، فقال له الراهب: ما نَزَل تحت هذه الشجرةَ قطّ إلَّا نبيّ، ثم باع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سِلْعته التي خرج بها، واشترى ما أراد أن يشتريَ، ثم أقبل قافلًا إلى مكة؛ ومعه مَيسرة. فكان ميسَرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرِة واشتدّ الحرّ؛ يرَى مَلَكْين يُظلِّلانِه من الشّمس، وهو يسير على بعيره. فلما قدِمَ مكة على خديجة بمالِها، باعت ما جاء به فأضعفت، أو قريبًا من ذلك. وحَدّثها ميسرة عن قول الرّاهب، وعَمّا كان يَرَى من إظلال الملَكين إيّاه - وكانت خديجة امرأةً حازمة لبيبة شريفة؛ مع ما أراد الله بها من كَرامته - فلما أخبرها ميسرة بما أخبرَها؛ بعثتْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت له - فيما يزعمون -: يا بن عَمِّ! إني قد رغبتُ فيك لقرابتك وسِطَتِك في قومك، وأمانتك، وحسن خُلقك، وصدق حديثك. ثم عَرَضت عليه نفسَها، وكانت خديجة يومئذ أوسطَ نساء قريش نسبًا، وأعظمهن شرَفًا، وأكثرهُنّ مالًا، كلُّ قومِها كانَ حريصًا على ذلك منها؛ لو يقدرُ عليها.
فلما قالت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكَر ذلك لأعمامه، فخرج معه حمزة بن