الحنفِيّ، ابن أخي أبي الأحوص، قال: حدَّثنا محمد بن أبان، عن علقمة بن مَرْثد، عن سُوَيد بن غَفْلة، قال: بَينا أنا أسيرُ بظهْر النّجف إذ لَحقني رجل فَطعنني بمِخْصَرة مِن خَلفي، فالتفتُّ إليه، فقال: ما قولُك في الشيخ؟ قلتُ: أيّ الشيوخ؟ قال: عليّ بن أبي طالب؛ قلتُ: إني أشهد أني أحبّه بسَمعي وبصري وقلبي ولساني، وقال: وأنا أشهِدك أني أبغِضه بسَمْعي وبصري وقلبي ولساني، فسِرْنا حتى دخلْنا الكوفة، فافترقْنا، فمكَث بعد ذلك سِنينَ -أو قال: زمانًا- قال: ثمّ إني لفي المسجد الأعظم إذ دخل رجلٌ معتمّ يتصفح وجوهَ الخلق، فلم يزل ينظر فلم يُرَ لُحىً أحمق من لُحَى همْدان، فجلس إليهم، فتحوّلتُ فجلستُ معهم، فقالوا: من أين أقبلتَ؟ قال: من عند أهلِ بيتِ نبيّكم، قالوا: فماذا جئتنَا به؟ قال: ليس هذا موضع ذلك، فوعدهم من الغد موعدًا، فَغَدا وغدوت، فإذا قد أخرج كتابًا معه في أسفله طابع من رصاص، فدفعه إلى غلام، فقال له: يا غلام، اقرأه -وكان أميًّا لا يكتب- فقال الغلام: بسم الله الرحمن الرّحيم، هذا كتابٌ للمختار بن أبي عُبيد كتبه له وصيّ آلِ محمد؛ أمّا بعد فكذا وكذا.

فاستفرَغَ القوم البُكاء، فقال: يا غلام، ارفَع كتابَك حتى يُفيق القوم، قلتُ: معاشر هَمْدان، أنا أشهَد بالله لقد أدركني هذا بظَهر النّجف، فقَصَصتُ عليهم قصّتَه، فقالوا: أبَيتَ واللهِ إلَّا تَثْبيطًا عن آل محمد، وتَزْيِينًا لنَعْثَلِ شَقّاقِ المَصَاحِف، قال: قُلتُ: معاشرَ همْدان، لا أحدّثكم إلا ما سمعت أُذنَاي، ووعاه قلبي من عليّ بن أبي طالب - عليه السلام -، سمعتُه يقول: لا تُسمّوا عثمانَ شَقاقَ المصَاحف، فوالله ما شقّقها إلّا عن ملإ منّا أصحاب محمد، ولو وليتُها لعَملتُ فيها مثلَ الذي عمل، قالوا: آللهَ أنتَ سمعتَ هذا من عليّ؟ قلت: والله لأنا سَمعتُه منه، قال: فتفرّقوا عنه، فعند ذلك مال إلى العبيد، واستعان بهم، وصنع ما صنع (?). [6: 113 - 114].

قال أبو جعفر: وكان العاملُ لابن الزُّبَيْر في هذه السنة على المَدينة جابرُ بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015