فما كنّا نسمع إلّا وقعَ الحديد على الحديد، حتى أصيب المسلمون بمصائب عظيمة، فلمّا رأوْا صبرنا وأنّا لا نبرح العرْصة انهزموا، فجعل يقع الواحد فيقع عليه سبعة؛ بعضهم على بعض في قياد، فيُقتلون جميعًا، وجعل يعقِرهم حسك الحديد الذي وضعوا خلفهم. فقال النعمان - رضي الله عنه -: قدّموا اللواء، فجعلنا نقدّم اللواء، ونقتلهم ونهزِمهم. فلما رأى أن الله قد استجاب له ورأى الفتح، جاءته نُشّابة فأصابت خاصرته، فقتلتْه. قال: فجاء أخوه معقل فسجّى عليه ثوبًا، وأخذ اللواء فقاتل، ثم قال: تقدّموا نقتلهم ونهزمهم؛ فلما اجتمع الناس قالوا: أين أميرنا؟ قال معقِل: هذا أميركم، قد أقرّ الله عينه بالفتح؛ وختم له بالشهادة. قال: فبايع الناس حُذيفة وعمر بالمدينة يستنصر له، ويدعو له مثل الحبْلى.

قال: وكُتِب إلى عمر بالفتح مع رجل من المسلمين؛ فلما أتاه قال له: أبشِرْ يا أمير المؤمنين بفتح أعزّ الله به الإسلام وأهله، وأذلّ به الكفر وأهله! قال: فحمِد الله عزّ وجلّ، ثم قال: آلنّعمان بعثك؟ قال: احتسِب النّعمان يا أمير المؤمنين، قال: فبكى عمر واسترجع. قال: ومَن ويحك! قال: فلان وفلان؛ حتى عدّ له ناسًا كثيرًا، ثم قال: وآخرون يا أمير المؤمنين لا تعرفهم، فقال عمر وهو يبكي: لا يضرّهم ألّا يعرفهم عمر؛ ولكنّ الله يعرفهم (?). (4: 117/ 118 / 119/ 120).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015