الأدباء يستعينون بالأخبار التاريخية لبيان مناسبات القصائد، والأحداث التي سبقتها، والأخبار التي عرضتها، وأسماء الأشخاص المذكورين فيها، ولذلك امتزج التاريخ بالأدب، وصار المؤرِّخ غالبًا راوية للأدب، وصار الأديب مؤرِّخًا.

من الأمثلة الأدبية التي ذكرها الطبري خُطبة زياد بن أبيه بالبصرة سنة 45 هـ، (6/ 124) وخطبة الحجاج بالكوفة سنة 75 هـ (7/ 210) وخطبة عبد الملك بن مروان بدمشق (7/ 175) وخطبة خالد القَسْري بمكة (8/ 80) وخطبة الحسين بن علي في أصحابه (6/ 229) والحوار بين عبد الله بن الزبير وأمّه أسْماء حينما حاصره الحجاج بمكة (7/ 202) والحوار بين الخوارج والمهلب بن أبي صُفرة (7/ 191) ورسالة المختار الثقفي إلى محمد بن الحَنَفِيَّة (7/ 127) والقصائد الكثيرة التي تظهر جلية على صفحات "تاريخ الطبري".

10 - الحياد والواقعية: كان الطبريُّ ورعًا وتقيًا ودقيقًا، وكان في الوقت نفسه ملتزمًا بمذهب أهل السنة والجماعة، وعقيدة السلف، ومع ذلك كان يورد الروايات المختلفة في الأحداث، دون مَيل مع أي هوى في إيراد الأخبار التاريخية، وكان في الغالب حياديًا بتصوير الأحداث، وترك الحكم عليها للقارئ، وعدم ممارسة النقد في الروايات وفي المتون، لأنه يعتقد أن أحاديث التاريخ لا تُبنى عليها أحكام شرعية، باستثناء الشؤون السياسية، وخاصة في العصر الراشدي، فكانت هذه الأحداث ذات انعكاس إيجابي وسلبي على المجتهدين في التطبيق الصحيح للشرع.

والطبري في نفس الوقت جريء في قول الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد تعرض في "تاريخه" لذكر كثير من الأحداث التي لا يرضى عنها العباسيون أنفسهم، وهم الخلفاء وأصحاب السلطة والنفوذ (?).

رابعًا: المآخذ على تاريخ الطبري:

قلَّما يسلم عمل إنسان من نقص، أو يصدر بشكل كامل، فإن الكمال لله وحده، وكل عمل للبشر معرَّض للنقص والخطأ، والنقد والمآخذ، ولذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015