الإسلامية ولعل أهمها مرورها في القرن الثاني في سنة 143 هـ كما يقول من مرحلة التسجيل غير المرتب إلى التصنيف المبوب [ص 92] إلى أن يقول شاكر مصطفى وإذا نحن تجاوزنا تحديد سنة 143 هـ كسنة انقلابية- وهو تحديد ليس بالخاطئ تمامًا على أي حال ... إلخ) [التأريخ العربي والمؤرخون ص 93] ثم يمضي الأستاذ شاكر في تعقيبه على كلام الحافظ الذهبي ويبيّن أن من سبق هذا التأريخ بالكتابة في التأريخ كعروة بن الزبير والزهري إنما كتبوا في أبواب متفرقة ولم يكن محاولة للإحاطة بكل الأخبار لكافة المواضيع وأن هذا النشاط في تسجيل مثل هذه الأدوار التأريخية لم يكن بعد قد أخذ انطلاقته الواضحة لأنه بقي رسميًا لحدٍّ ما دينيًّا ولم يصبح تيارًا فكريًا ثقافيًا واضح التدوين .. [التأريخ العربي والمؤرخون ص 95 باختصار وتصرف] وهذا كلام نوزع فيه الأستاذ.
فأما تحديد هذه السنة بالذات (143 هـ) كحد فاصل بين التدوين المبوّب وغير المبوّب ففيه نظر لأن عروة بن الزبير رضي الله عنه والمتوفي سنة (93 هـ) معروف بالمغازي والسير ومروياته في السيرة خاصة في حنايا كتاب المغازي صحيح البخاري وكذلك الطبري وغيرهما ويعتبره الدوري مؤسسًا لمدرسة المغازي (ص 21) ولو اتفقنا مع الأستاذ شاكر في عدم اعتبار كتابات عروة كذلك فإننا لا نستطيع أن نتجاوز مرويات الزهري ذلك الإمام المحدث الفقيه الذي ساهم في تدوين السيرة النبوية الشريفة وشطرًا من تاريخ الخلافة الراشدة وخاصة أيام الفتن وردحًا من بدايات الخلافة في عهد الأمويين حتى أن البعض يعتبره مؤرخًا [انظر ما كتبه الدكتور الدوري -عبد العزيز- في كتابه (بحث في نشأة علم التأريخ) فهو يعتبر الزهري (124 هـ) مؤرخًا ومختصًا بالمغازي (ص 21) وليس الرجل متقولًا في ذلك فللمسألة أصل معتمد فقد قال الطبري رحمه الله: كان الزهري مقدمًا في العلم بمغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبار قريش والأنصار راوية لأخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه [المنتخب من كتاب ذيل المذيل / 97].
ولا بد لنا من دراسة المدارس التاريخية في المدن الإسلامية في القرنين الأول والثاني ومعرفة عدد من رواد ومنشئي هذه المدارس [مدرسة المدينة] [مدرسة الشام] [مدرسة العراق] [مدرسة مصر].