بالإضافة إلى أنه سمع من أبي إسحاق قبل الاختلاط؛ فإنَّ من دقته وتحفظه في الرواية عنه أنه لا يروي إلَّا ما صرح بالسماع، فلو لم يكن بين يدي الرجل إلَّا هذه الرواية لعذرناه؛ بل وكنا معه على الجادة، ولكن الرجل لم يتَقِ اللَّه - تعالى -، ولم يُؤَدِّ الأمانة العلمية، ذلك لأنه بعد أن خرَّج الحديث من رواية جماعة من المصنّفين - منهم أبو يعلى - قال:
"وهناك استوفينا تخريجه"!
فلما رجعت إلى حيث أشار إليه من "مسند أبي يعلى" (4/ 265 - 266)؛ وجدت الحجة التي تدمغه، ذلك لأن أبا يعلى - رحمه الله - أداءً منه للأمانة العلمية قد ساق الحديث من طريقين عن شعبة برقمين (1719, 1720)، الطريق الأولى هي ما أشير إليها آنفًا أنها في "الصحيح"، وهي التي عناها بجملة الاستيفاء المزعومة؛ فإنه لم يستوفِ ما هناك فضلًا عن أن يزيد عليها كما أوهم بها؛ بل إنه نقص منها جملة سماع أبي إسحاق! والخطب في هذا سهل، فقد علمت أنه لا فائدة منها هناك، اللهم إلَّا التضليل عن العلة الحقيقية التي كتمها الرجل، أَلا وهي الانقطاع بين أبي إسحاق والبراء، ولقد وددت - يشهد اللَّه؛ من باب (التمس لأخيك عذرًا) - أن أقول - كما قلت في غيره -: لعله غفل عن هذا؛ فإن الغفلة لا ينجو منها باحث، أو كاتب، وهي بالنسبة لرواية شعبة في "الصحيح" واردة، ولكنه مع الأسف لم يدع لذلك مجالًا في كل من تخريجيه، أما هنا في "الموارد"؛ فلأنه أحال إلى الطريق الأولى ذات الرقم (1719) الظاهرة الصحة، ولم يقرن معه الرقم الآخر (1720) المشير إلى الطريق الأخرى الكاشفة عن العلة! وبخاصة أنها جاءت في رأس الوجه الآخر من الصحيفة الذي قد لا يتنبه له البعض إلَّا بمنبه، كذكر الرقم الآخر!
لا بأس! لِنَقُل: إِنَّه غفل عنه! ولكن بماذا يمكن الإجابة عن فعلته في