الداراني رفض قول ابن حبان هذا كما رفضه في عبد الجليل بن عطية المتقدم قريبًا برقم (3)، لا سيما وقد رأيته قد أعل الحديث الآتي في "الصحيح" برقم (1953)، وهو من رواية أبي إسحاق، عن البراء بقوله (6/ 234):
"رجاله ثقات؛ إلَّا أنه منقطع ... ".
ثم نقل عن شعبة أنه قال:
"لم يسمع هذا الحديث أبو إسحاق عن البراء".
قلت: وهذا هو التدليس عند من يفهم.
وبهذه المناسبة أقول:
إن من أغرب ما رأيت لهذا الرجل من التخبيط والتخليط والتضليل - وهذا أقل ما يمكن أن يقال فيه -: ما فعله في حديث البراء الآتي في "الصحيح" برقم (1373)، وهو من رواية شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء، ذلك أنه قال في التعليق عليه (4/ 340):
"إسناده صحيح، شعبة قديم السماع من أبي إسحاق السبيعي".
قلت: السماع صحيح معروف لا شك فيه، وليته التزمه في كل أحاديث أبي إسحاق التي صححها؛ بل إنه له في ذلك تخليطًا آخر، وهو زعمه في غير ما موضع: أن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق قديم السماع من جده أبي إسحاق (1/ 446, 8/ 51)، وهذا من سوء فهمه؛ لوصف بعض الحفاظ إياه بأنه أحفظ لحديث جده من غيره، فهذا شيء آخر يتعلق به هو، والاختلاط يتعلق بجده، فهو حافظ لحديثه؛ ولو حدث به في الاختلاط، وقد ذكر أحمد أنه سمع منه بأخرة.
والمقصود هنا أن قوله: "إسناده صحيح" غير صحيح، وذلك لأنه أوقف نظره عند ظاهر رواية شعبة هذه، وهي معروفة الصحة عند العلماء؛ لأن شعبة