قالوا: وهو نصٌ جليٌّ على أنه لا حدَّ فيما يجب القطع فيه في السرقة فتقطع كل ما له قيمة قلَّت أو كثرت، وأما الشيء التافه الذي لا قيمة له أصلًا فلا قطع فيه، لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: «لم تقطع يد سارق على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في أدنى من ثمن المجن: ترس أو حجفة، وكان كلُّ واحدٍ منهما ذا ثمن» (?).

ثم استثنى ابن حزم من هذا العموم: الذهب، فإذا كان المسروق ذهبًا -فقط- فإنه يقطع إذا كان ربع دينار فصاعدًا، لحديث عائشة في ذلك.

ويبقى ما دون الذهب من المسروقات - عنده - يُقطع في كثيرها وقليلها.

الراجح مما تقدم:

والذي يترجَّح لي أن أقرب هذه الأقوال: الثاني والثالث، لكن جعل النصاب مقدرًا بالذهب (ربع دينار = 1. 0625 جرام) أقوى؛ لما تقدم من أدلة الشافعية، ولأن الأشياء والعملات الورقية المتداولة في هذه الأزمان قيمتها مقدرة بالذهب، والله أعلم.

ويبقى الجواب عن حديث: «لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ...». فقيل: المراد بالبيضة ما يبلغ قيمتها ربع دينار فصاعدًا وكذا الحبل (?)، وقيل:

المعتبر قيمة النصاب وقت السرقة (?):

اتفقت المذاهب الأربعة على أن المعتبر قيمة النصاب وقت إخراجه من الحرز، فإن كانت قيمة المسروق تقل عن النصاب حين السرقة، ثم زادت حتى بلغته بعد إخراجه من الحرز، فلا يقام الحدُّ.

أما إن كانت قيمة المسروق - وقت إخراجه من الحرز - نصابًا، ثم نقصت بعد ذلك، فقال المالكية والشافعية والحنابلة: يقام الحدُّ سواء أكان النقص في عين المسروق بأن هلك بعضه في يد السارق بعد إخراجه، أم كان بسبب تغيُّر الأسعار.

وقال الحنفية: فيه تفصيل، فإن كان النقص في عين المسروق فإن هلك في يد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015