قلت: هو ثقة ثبت من أقران أيوب في العلم والعمل؛ كما في "التقريب"، فحديثه يكون غاية في الصحة؛ إذا كان من فوقه مثله أو قريبًا منه، وهذا مما لم يتوفر هنا؛ لما عرفت من جهالة أبي رملة؛ إلا أن يقال: إنه حسن لغيره، فهذا ممكن، بل هذا هو الذي لم يطمئن القلب إلا إليه؛ حينما وجدت له طريقًا أخرى وشاهدًا.
أما الطريق؛ فهو ما أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8001 و 8159): أخبرنا ابن جريج قال: أخبرنا عبد الكريم عن حَبِيبِ بن مِخْنَفٍ عن أبيه قال:
انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة ... الحديث مثله.
ورواه أحمد (5/ 76) من طريق عبد الرزاق ... به؛ إلا أنه لم يقل: عن أبيه، فصار الحديث مرسلًا! لكن رجح الحافظُ الأولَ، فقال في "تعجيل المنفعة":
"كذا وقع في "المسند"، والصواب عن حبيب بن مخنف عن أبيه. قاله أبو نعيم وغيره. وقال ابن القطان: حبيب مجهول، والصحبة لأبيه".
قلت: وعبد الكريم - الراوي عنه - يحتمل أنه ابن أبي المخارق الضعيف، وبه جزم الحافظ في "التعجيل"، و "النكت الظراف على الأطراف" (8/ 368).
ويحتمل أنه عبد الكريم بن مالك الجزري الثقة، وإنما قلت هذا؛ لأن ابن جريج قد روى عن كل منهما، ولم أعرف ما يرجح الجزم بأنه الضعيف!
وقد جزم ابن عبد البر - في ترجمة مخنف بن سليم - بأنه روى عنه ابنه حبيب وأبو رملة. فيمكن أن يؤخذ من جزمه هذا أنه عبد الكريم الثقة، فتأمل!
وأما الشاهد؛ فهو ما رواه هشام عن حفصة عن امرأة من آل الأشعث عن عجوز لهم قالت:
أخبرنا وفدنا - وَفْدُ غَامِدٍ - حيث قَدِمُوا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: