والآخر وهو أفحش: أن من الشائع المعروف بين جمهور أهل العلم وطلابه أن الحديث الضعيف يُعمَل به في فضائل الأعمال، ويعتبرون ذلك قاعدة علمية لا جدال فيها عندهم، وهي غير مسلَّمة على إطلاقها عند المحققين من العلماء كما سيأتي نقله عنهم، فأولئك إذا بلغهم حديث ضعيف بادروا إلى العمل به، غير منتبهين لاحتمال كونه شديد الضعف أو موضوعاً، وحينئذ لا تجوز روايته إلا ببيان حاله، والتحذير منه، فضلاً عن العمل به، فيقع المحظور الأول وزيادة كما هو ظاهر، فلو أنه بيّن لهم ذلك، لم يعملوا به إن شاء الله تعالى (?).
ثم إن القاعدة المزعومة ليست على إطلاقها، بل هي مقيّدة في موضعين منها: أحدهما حديثي، والآخر فقهي. (?)
أ- القيد الحديثي
أما الحديثي، فهو قولهم: "الحديث الضعيف" فإنه مقيّد -اتفاقاً- بالضعيف الذي لم يشتدّ ضعفه، بله الموضوع، كما بيّنه الحافظ ابن حجر العسقلاني في رسالته: "تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب"، ولم أعثر عليها الآن في مكتبتي، فأنقل ذلك عنه بواسطة تلميذه الثقة الحافظ السخاوي؛ فإنه قال في آخر كتابه القيّم "القول البديع في فضل الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص 195 - طبع الهند)، بعد أن نقل عن النووي أنه قال: