قال: فجئتُ إلى بعض المنازل، وليس فيه ماء، والناسُ يصيحون: العطش.
فقلت في نفسي: قد قال أبو عبيد ما قال وهو صادق. فأخذتُ الركوةَ، فرميت بها في مصنع، وصليت ركعتين، فما سلمت إلا والرياحُ تذهب بها وتجيء على رأس الماء. فنزلتُ، فأخذت الركوةَ، ثم صحتُ بالناس، فجاؤوا واستَقَوْا حتى رَوُوا.
اللَّهمَّ ببركة الصالحين اكفِنا شرَّ الأشرار، وكيدَ الفجار، وما يختلفُ به الليل والنهار.
سمعتُ أبي يقول: كان الشيخُ عبد الرحمن أبو شعرٍ يتمثَّل كثيرًا:
أَلا رُبَّ ذِي ظُلْمٍ كَمَنْتُ لِظُلْمِهِ ... فَأَوْقَعَهُ المِقْدَارُ أَيَّ وُقُوعِ
وَمَا كَانَ لِي [إِلا] سِلاحُ تَرَكُّعٍ ... وَأَدْعِيَة لا تُتَّقَى بِدُرُوعِ
وَهَيْهَاتَ أَنْ يَنْجُو الظَّلُومُ وَخَلْفَهُ ... سِهَامُ دُعَاءٍ مِنْ قِسِيِّ رُكُوعِ
مُرَيَّشَةٌ بِالهُدْبِ مِنْ جَفْنِ سَاهِرٍ ... مُنَصَّلَةٌ أَطْرَافُهَا بِنَجِيعِ
وأنشدنا بعضُ إخواننا في معنى ذلك:
أتهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيه ... تَأَمَّلْ فِيكَ ما صَنَعَ الدُّعَاءُ