فأعدتُ القولَ أقتضي الدعاء.
فقالت: يا عبد الله! امضِ لحاجتك، فقد علم المحبوبُ ما ناجاه الضمير من أجلك.
ثم وَلَّت وقالت: لولا خوفُ السلب، لبحتُ بالعجب.
ثم قالت: أوه من شوقٍ لا يبرأ إلا بك، ومن حنينٍ لا يسكن إلا إليك، فأين لوجهي الحياء منك؟ وأين لعقلي الرجوع إليك؟
قال عثمان: فو الله! ما ذكرتُ ذلك، إلا بكيتُ، وغُشي عليَّ.
وبه إلى الإمامِ أبي الفَرَجِ: أنا عبد الوهابِ الأنماطيُّ: أنا المباركُ بن عبد الخالق: أنا محمدُ بن عليٍّ: أنا أحمدُ بن محمدٍ: ثنا الحسينُ بن صفوانَ: أنا أبو بكرِ بن سفيانَ: حدثني محمدُ بن الحسينِ: حدثني عمارُ بن عثمانَ: حدثني بشرُ بن بشارٍ، وكان من العابدين، قال: لقيتُ عبادًا ثلاثةً ببيت المقدس، فقلت لأحدهم: أوصني.
فقال: أَلْقِ نفسَك مع القَدَرِ حيثُ ألقاك، فهو أحرى أن يفرغ قلبك، ويقلَّ همك، وإياكَ أن تسخطَ ذلك، فيحل بك السخط، وأنت عنه في غفلة لا تشعر به.
فقلت للآخر: أوصني.
فقال: ما أنا بمستوصٍ.
قلت: على ذاك عسى الله أن ينفع بوصيتك.