فقلَّ مَنْ تعرض لهم وسلم، فسلِّمْ تسلَمْ، ولا تنتقدْ تندمْ، واقتدِ بإمام العارفين، وعلامة العلماء العاملين، ورأس الصديقين في وقته الشيخِ عبد القادرِ الكيلانيِّ، لما عزم على زيارةِ الغوثِ بمكة، وقال رفيقاه ما قالا، فقال: أما أنا، فأذهب على قدم الزيارة والتبرك، لا على قدم الإنكار والامتحان، فآل أمرُه إلى أن قال: قدمي هذا على رقبة كلِّ وليٍّ لله، وآل أمرُ أحدِ رفيقيه إلى الكفر، وترك الإيمان؛ كما اتفق في هذه الحكاية، وآل أمرُ الآخر إلى اشتغاله بالدنيا، وتركِه خدمة المولى. نسأل الله التوفيقَ والهدايةَ والإماتة على الإيمان بالله وبرسوله، والإعتقاد الحسن في أوليائه وأصفيائه بمحمد وآله، انتهى كلامه.
وحكى ابن خَلِّكانَ أيضًا: أن رجلاً كان يأكل هو وزوجته دجاجةً مشوية، فوقف على الباب سائلٌ، فرده الرجلُ خائبًا، ونال منه، وكسر قلبه، وكان كثير المال، ثم إنه بعد ذلك افتقر، فوقع بينه وبين زوجته، فطلقها، وتزوجت غيرَه، فبينما هي ذات يوم مع الثاني، وبين يديهما دجاجة مشوية، جاء سائلٌ، فسأل، فقال لامرأته: ناوليه هذه الدجاجة وما معها، فناولته، ونظرت إليه، فإذا هو زوجُها الأول، فرجعت متعجبة، وأخبرت زوجَها الثاني أنه زوجُها الأول، وقالت: والله! لقد كنت معه، وكنا قد صنعنا دجاجة وشويناها، وجلسنا نأكلها، فجاء سائل، فوقف علينا، فزجره، وكسر قلبه، ورده خائبًا، فقال لها زوجُها الثاني: وأنا والله! ذلك المسكين الذي وقف عليكم، أعطاني الله وأغثاني، وأعطاني أكثر من ماله، وأعطاني زوجته لقلة شكره (?).