تلميذ آخر له، وهو عيسى الثعالبي الجزائري. وقد أخبرنا الثعالبي أن شيخه كان لا يهتم بما يهدى إليه، وأنه كان متجنبا أهل الولايات الدنيوية، وإن المدح والذم قد استويا عنده. ولعل أهم من ذلك قول الثعالبي أن الفكون لم يهتم بوالي مصر ولا بأعيانها ولا بهداياهم حين خرجوا له لتعظيمه ومهاداته. يقول الثعالبي بالنصى (ولقد سيقت إليه بمصر أموال ضخام وهدايا نفيسة حين قفوله من الحج، وأقبل عليه أهلها على اختلاف طبقاتهم. ونزل إليه الباشا فمن دونه، فما استفزه شيء من ذلك ولا أكترث به، ولم يقبل منه دينارا ولا درهما). كما أخبر الثعالبي أن بعض الناس جاؤوه للتبرك به. وهناك عبارة مهمة في نص الثعالبي أيضا وهي قوله أن الفكون كان (يتردد على الحرمين الشريفين) ونحن لا نستغرب هذا من الفكون الذي عرفناه من كتاباته ولا سيما (منشور الهداية)، فما قاله الثعالبي هنا عنه ينطبق تماما على ما جاء في كتابه في ميزات العالم الصحيح والمتصوف الحقيقي إزاء مغريات السلطة والدنيا والناس. ويبدو أن الفكون قد اتبع نفس الأسلوب مع ولاة بلاده أيضا، ولذلك فرض نفسه عليهم وفرض احترامهم لمنصبه وعلمه ودينه وأخلاقه. فلا نعرف أنه كان يتملق أحدا منهم أو أنه مدح بايا أو باشا أو صاحب رياسة، كما يقول. ولا نعرف أنه توجه إلى مدينة الجزائر سوى مرة واحدة، بناء على الوثائق المتوفرة. وكان ذلك من أجل تثبيت حقوقه الشرعية وامتيازات وظيفته (?) وإذا كنا نأسف لشيء بهذا