أننا درسنا العلاقة بين العلماء ورجال التصوف في غير هذا المكان، ولكننا نذكر بشيئين: الأول أن العثمانيين كانوا يعفون المرابطين وكبار رجال الدين من الضرائب والغرامات ويتسامحون معهم في إقامة الولائم والحضرات وجلب الأتباع تحسبا لمثل هذه الظروف التي يشتد فيها الكرب وتواجه السلطة أثناءها صعوبات، فيقف أولئك المتصوفة وأصحاب النفوذ الروحي عادة إلى جانب السلطة حماية لها وحماية لأنفسهم في نفس الوقت. والثاني أن ما حصلت عليه عائلة الفكون من امتيازات كان جزءا من هذا البرنامج ولم يكن استثناء خاصا بها (?).

وعلى هذا الأساس، فقد كان من المتوقع أن يتجند العلماء في المدن وأصحاب الطرق الصوفية في الأرياف إلى جانب

السلطة التي كانت تحارب الثوار. والذي يقرأ رسالة يوسف باشا، حاكم الجزائر عندئذ (سنة 1050) إلى محمد ساسي البوني بشأن هذا الموضوع، ورد البوني عليه، يدرك ما نحن فيه (?) ويوسف باشا هذا هو الذي جند أيضا علماء مدينة الجزائر، وتوجه بنفسه إلى قسنطينة وبسكرة لتوطيد الأمن والقضاء على الثورة. وهو الذي أقام سنة كاملة في قسنطينة من أجل ذلك. ولا شك أن أول من لقيه من علمائها هو عبد الكريم الفكون. ومن ثمة لا نستغرب أن تكون الوثيقة التي تجدد له وظائف أبيه وتقلده إمارة ركب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015