كانت للجامع الأعظم إذن أملاك كثيرة، عقارا وغير عقار، داخل قسنطينة وخارجها، وكانت الزكوات تدفع إلى الجامع أيضا بما في ذلك زكوات الوالي نفسه. وتنص النصوص على أن المتولي على هذه الأملاك، وهو هنا الفكون، يتصرف فيها بما يراه صالحا فيصرف منها على الجامع نفسه من بناء ونظافة وزيت وحصر، ومن دفع الأجور القائمين عليه وفيه، كالمؤذنين والمنظفين والمدرسين والطلبة وغيرهم، وإذا بقيت بقية فهي له يتصرف فيها كما يشاء. وقد فهم (?) بعض المؤرخين أن هذا يعني الثروة الضخمة لعائلة الفكون التي أصبحت تتولى هذه الوظيفة. ونظروا للمسألة من جانبها المادي فقالوا إن عائلة الفكون حظيت بهذه الثروة لخدمتها للعثمانيين. ولكننا رأينا أن العائلة كانت غنية منذ ما قبل دخول العثمانيين ومن قبل توليها وظيفة الإشراف على أملاك الجامع الأعظم. وما نعتقده هو أن هذه الوظيفة لم تجلب إلا صداع الرأس لعائلة الفكون إذ كثر حسادها عليها وسال لعاب أصحاب النفوذ وطمع فيها الطامعون. كما أن من قواعد الأوقاف أنها ليست دائما متوفرة، فهي حسب مواسم الخصب الطبيعية مرة تقبل ومرة تدبر. والذي يدرس الحياة الاجتماعية في قسنطينة خلال القرن الحادي عشر مثلا (زمن الفكون صاحب الترجمة) سيجدها حياة تكاد تكون عقيمة من جراء الجوائح الطبيعية من طواعين وجفاف وجراد ونحوها، ويضاف إلى ذلك الحروب والفوضى السياسية وما يعقب ذلك من نهب وسلب (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015