فإن الحاج التادلي لم يذكر أصل النسخة التي نقل عنها. ومهما كان الأمر فإن ما نستنتجه من ذلك هو تعدد نسخ (محدد السنان) ووجودها بالجزائر وبغيرها.
افتتح الفكون كتابه هذا ببيان الدافع الذي دفعه لكتابته، فقال إن تناول الدخان قد شاع أمره بين العامة والخاصة، وأن العامة تقلد في ذلك كبراء البلد، وأن بعض العلماء أفتوا بحليته ولم يعتبروه مسكرا ولا مضرا، فأقبل عليه الناس لما يجدون فيه من النشوة والراحة. وكان هو يراقب ذلك فيحز في نفسه وليس له من سلاح سوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان. فإذا به يصبح عدوا لمن نهاهم، اتخذوه هزوءا وهجره أصحابه، فلم يسعه إلا الصمت وتغيير المنكر بالقلب. ولكن كتابات المؤلفين في الموضوع والمفتين فيه حركته لتدوين رأيه أيضا والرد على من تجرأ بالقول بحلية الدخان رغم وضوح ضرره في نظره. ومن نتائج بحثه وردوده وأمثلته خرج (محدد السنان).
معظم العلماء الذين ذكرهم قائلين بإباحة الدخان كانوا في نظر الفكون متساهلين في الدين أو خادمين لأصحاب السلطة، ولم يكونوا يراعون أحكام الشرع ومصلحة الأمة. فهذا مفتي القيروان إنما أفتى بإباحة الدخان لأنه (خدم به حضرة أمير إقليمه آنذاك). واتهم الشيخ علي الأجهوري المصري (الذي كان الدافع الأساسي إلى كتابة محدد السنان) بالتساهل في أحكام الشريعة وتعاطيه الدخان. ونفس التهمة وجهها لمفتي القيروان الذي قال إنه أضر بفعله أكثر مما أضر بقوله. واتهم علماء المشرق عموما