ومن الانفصال قوله - صلى الله عليه وسلم - (ما من الناس من مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث (?) إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم) (?).
فإن اختلفا وتقاربت الهاءان، نحو: أعطاهوها وأعطاهاه (?) ازداد إلانفصال حسنًا وجودة؛ لأن فيه تخلصًا (?) من قرب الهاء من الهاء، إذ ليس بينهما فصل إلا بالواو في نحو: أعطاهوها، وبالألف في نحو: أعطاهاه، بخلاف "أنضرهموها"، و "أنا لهماه" وشبهه.
ولترجيح الانفصال في نحو "أعطاهاه" جيء به دونَ الاتصال في قول القوم للرجل "ما أحسنت، سلتها إياه" ولم يقولوا: سألتهاه، ولو قيل لجاز.
فإن اختلف الضميران بالرتبة وقدم أقربهما رتبة جاز اتصال الثاني وانفصاله، نحو: أعطيتكه، وأعطيتك إياه.
والاتصال أجود، لموافقة (?) الأصل، ولان القرآن العزيز نزل به دون الانفصال، كقوله تعالى {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا} (?).
وعليه جاء قول المرأة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لأكسوكها". وقول الرجل له - صلى الله عليه وسلم - "اكسنيها" [وقول الخضر عليه السلام (يا موسى، إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت على علم علمكه الله لا أعلمه)] (?).
وسيبويه يَرى الاتصال في هذه الأمثله ونحوها واجبا، والانفصال ممتنع (?).
والصحيح ترجيح الاتصال وجواز الانفصال. ومن شواهد تجويزه قول النبي - صلى الله عليه وسلم
(فإن الله ملككم إياهم، ولو شاء لملكهم إياكم) (?).
ومما يراه سيبويه أيضًا أن ثاني الضميرين المنصوبين بـ "ظن" أو إحدى أخواتها