ومنها قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليها، إن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم) (?).
قلت: موضع الإشكال في هذا الحديث (?) قوله "فخير تقدمونها إليها" فأنث
الضمير العائد على "الخير" وهو مذكر. فكان ينبغي أن يقول: فخير تقدمونها (?) إليه.
لكن المذكر يجوز تأنيثه إذا أوِّل بمؤنث، كتأويل "الخير" الذي تقدم إليه النفس الصالحة بالرحمة أو بالحسنى أو باليسرى، كقوله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى} (?)، وكقوله تعالى: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (?).
ومن إعطاء المذكر حكم المؤنث باعتبار التأويل قول النبى - صلى الله عليه وسلم - في إحدى الروايتين (فإن في إحدى جناحيه دواءً والأخرى داء) (?).
والجناح مذكر، ولكنه من الطائر بمنزلة اليد، فجاز تأنيثه مؤولًا بها.
ومن تأنيث المذكر لتأويله بمؤنث قول تعالى {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (?)، فأنث عدد الأمثال وهي مذكرة لتأويلها بحسنات.