وأما الحَذْفُ لالتقاء الساكنَيْن فمثل قوله تعالى: وَلَمْ يَكُنْ*، والأصل: يَكُونُ، فحُذَفَتْ حركةُ النون للجزم، وحُذِفَتْ الواو لالتقاءِ الساكنين، وهما: الواو والنون.
وكذلك: قُلْ، وبِعْ، وخَفْ، أصلُها: قُولْ، وبِيعْ، وخَافْ، فَحُذفت الواو والياء والألف لسكونها وسكون ما بعدها. ومثل ذلك: قاضٍ، وماضٍ، وغازٍ أصلُه: قاضِيٌ، وماضِيٌ، وغازِوٌ، فانقلبت الواو في: غازِو ياءً لانكسار ما قبلها، لأن الكسرة تدل على الياء، فصار: غازِيٌ، ثم استُثْقِلَتِ الضمَّة على الياء فأسْكِنَت ثم حُذِفَتْ لالتقاءِ السَّاكنين، وهما الياء والتنوين. وكانت الياء أولى بالحذف، لأنه قد بقي ما يدل عليها وهي الكسرة، ولو حذف التنوين لم يبق ما يدل عليه، وكذلك ما شاكل ذلك. ومثل ذلك:
هذا قَوْلٌ مَقُولٌ، وفَرَسٌ مَقُودٌ، والأصل: مَقْوول، ومَفْوُود، فاسْتثقلت الضمَّة على الواو، فأسكِنَتْ وحُذفَتْ إِحدى الواوين على اختلافٍ في أيَّتهما المحذوفة.
الحذف الثاني للاستخفاف، وهو الذي لا يقاس عليه.
والحروفُ التي يقَعُ عليها الحذْفُ عشرةٌ، جمعتُها ليسْهُلَ حِفظّها في هذه الكلمات: «أُبيحَ خَوفٌ هُنا». فجاءتْ نِصْفَ بيتٍ من الشعر، وهَذَا تَمامُه:
أُبِيحَ خَوْفٌ هُنَا ... قَدْ أَسْهَرَ الأَعْيُنَا
وجِمعتُها أيضاً في هذِه الكلمات: «خفي أَحوابهن».