العسكر الأمير "جركتم المارديني" من الأمور المقتضيى لذلك، وقد ذكرنا شيئا من خبر هذا العسكر في ترجمة محمد بن عطيفة الحسني، الذي قدم مع هذا العسكر من مصر إلى مكة متوليا أمرها.

ومن ذلك: أنه في سنة ست وستين وسبعمائة، كان بمكة غلاء عظيم، حصل للناس منه مشقة عظيمة؛ بحيث أكل الناس الميتة -على ما قيل- وذلك أنه وجد بمكة حمار ميت، وفيه أثر السكاكين، وأصيبت المواضي بالجرب، وتعرف هذه السنة بسنة أم الجرب، واستسقى الناس بالمسجد الحرام، فلم يسقوا، وأحضرت المواشي إلى المسجد للاستسقاء، وأدخلت فيه، ووقفت في جهة باب العمرة إلى مقام المالكية، ثم فرج الله -عز وجل- هذه الشدة عن الناس بالأمير يلبغا العمري المعروف بالخاصكي مدبر المملكة الشريفة بالديار المصرية، تغمده الله برحمته؛ لأنه أرسل بقمح فرق على المجاورين بمكة؛ وذلك أن بعض خواصه ممن أرسله لعمارة المسجد الحرام عرفه بما الناس فيثه من الشدة بمكة؛ فلما بلغه الخبر أمر من فوره بألف أردب قمح طيب، فجهزت إلى مكة في البر، غير ما أمر بتجهيزه في البحر، وفرقت على من بها من الناس أحسن تفرقة، وما شعر الناس بها إلا وهي معهم1.

ومن ذلك: غلاء شديد وقع في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بيعت فيه الحنطة: الغرارة بمكة بخمسمائة درهم كاملية وأربعين درهما، وأكل الناس سائر الحبوب واختبزوها، ثم فرج الله -تبارك وتعالى- على الناس بصدقة قمح، أنفذها الملك الظاهر برقوق، رحمه الله2.

وحصل في هذه السنة أيضا بمكة وباء، وبلغ الموتى فيه في بعض الأيام أربعين، على ما قيل3.

ومن ذلك: رخاء في سنة ست وتسعين وسبعمائة بيعت فيه الغرارة الحنطة بسبعين درهما كاملية في زمن الموسم4.

ومن ذلك: غلاء كان بمكة في آخر سنة سبع وتسعين وسبعمائة بعد الحج، ولم يبلغ مقدار الغلاء الذي كان في سنة ثلاث وتسعين، وإنما بلغت فيه الغرارة الحنطة ثلاثمائة درهم وثلاثين درهما5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015