ومن ذلك: أنه في سنة سبع وسبعمائة -على ما قال البرزالي في تاريخه: كان في وسط هذه السنة بمكة غلاء شديد بيعت غرارة الحنطة بألف وخمسمائة درهم، والذرة بأكثر من تسعمائة، وكان سبب الغلاء أن صاحب اليمن الملك المؤيد قطع الميرة عن مكة، لما بينه وبين صاحب مكة حميضة1 وميثة2 ابني أبي نمي، ولم يزل الحال شديدا إلى أن وصل الركب الرجبي؛ فنزل السعر، ثم ورد من اليمن السبلات بعد منعها، فعاش الناس، وكان وصول الركب الرجبي مكة في رمضان، وتوجهوا من القاهرة في سابع عشر من رجب، فكان فيه فوق ألفي جمل وراحلة، وكان الماء في هذه السنة يسيرا يحمل إليها من بطن مر، ومن أبي عروة وغيره، وسبب ذلك: قلة المطر بمكة سنين متوالية ... انتهى بالمعنى.

والغرارة المشار إليها هي الغرارة الشامية في غالب ظني، والله أعلم3.

ومن ذلك: أنه في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة -على ما قال البرزالي في "تاريخه": اشتد الغلاء بالحجاز وبمكة وما حولها؛ فبلغ القمح الأردب المصري مائتين وأربعين درهما، وأما التمر فعدم بالكلية، والأسمان تلاشت؛ حتى قيل إن السمن بلغت منهم كل أوقية خمسة دراهم، واللحم كذلك، المن بخمسه دراهم ... انتهى بالمعنى4.

والوقية المشار إليها هي في غالب ظني الوقية المكية، ومقدارها رطلان مصريان ونصف رطل، ويقال: رطلان وثلث، والأول هو الذي عليه عمل الناس اليوم، والمن المشار إليه سبعة أرطال مصرية إلا ثلث، ويحتمل أن يكون المراد بالوقية الوقية الشامية، وهي خمسون درهما وفيه بعد، والله أعلم.

والرطل المصري مائة وأربعة وأربعون درهما.

ومن ذلك: أنه في سنة خمس وعشرين وسبعمائة بيع القمح الأردب في جدة ساحل مكة، بمبلغ ثمانية عشر وسبعة عشر درهما كاملية، والشعير بمبلغ اثني عشر، نقلت ذلك من خط ابن الجزري في "تاريخه"، وذكر أن المحدث شهاب الدين المعروف بابن القدسية أخبره بذلك، لما عاد من مجاورته بمكة في هذه السنة5.

ومنها: أنه في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة -على ما قال البرزالي في "تاريخه" نقلا عن كتاب عفيف الدين المطري- كانت مكة في غاية الطيبة والأمن والرخاء، القمح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015