ومن شعائر الحج التي ينبغي إحياؤها -أيضا- الخطبة بمنى، وهذه سنة متروكة من دهر طويل جدا، وكان خطيب مكة الفقيه سليمان بن خليل يفعلها بعد الرمي، وفعلها بعده خطيب مكة ابن الأعمى قبل الرمي؛ وذلك في يوم النفر من سنة تسع وستين وستمائة، على ما ذكر الشيخ أبو العباس الميورقي في تعاليقه -فيما ألفيته منقولا بخط بعض أصحابنا من خط الميورقي1، وفعلها القاضي شهاب الدين أحمد بن ظهيرة فيما بلغني، فعل ذلك في موسم سنة ست وثمانين وسبعمائة أو في سنة سبع وثمانين أو في كليهما، والله أعلم.

وكان يذكر أن في موسم سنة ثماني عشرة وثمانمائة تقام هذه الشعيرة بمنى؛ فما تم ذلك، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وفي كتب أصحابنا المالكية ما يقتضي أن الخطبة بمنى تكون في اليوم الحادي عشر قبل النفر الأول، والله أعلم.

وفيها -أعني سنة ثمان عشرة وثمانمائة: حج العراقيون بمحمل من بغداد على العادة، وجرى حالهم كالسنة التي قبلها، وكذلك سنة تسع عشرة وثمانمائة، وكذلك سنة عشرين وثمانمائة2.

ولم يحج العراقيون من بغداد في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة3، ولعل سبب ذلك كما قيل من أن الملك شاة رخ بن تيمورلنك أخذ تبريز من قرا سنقر والد صاحب بغداد، أو الحرب الذي كان بين عسكر قرا سنقر، وعسكر حلب من بلاد الروم، وكان الظفر لعسكر حلب، وقتل ابن لقرا سنقر، قيل هو صاحب بغداد، وقيل غيره، وهو أصح، والله أعلم، وكانت هذه الحرب في أثناء سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وفيها كانت الوقعة بالجمعة اتفاقا، وكان يقال: إن الملك المؤيد صاحب مصر يحج فيها؛ فلم يتفق ذلك، ولعل سبب ذلك ما اتفق من إتيان عسكر قرا سنقر لحلب، والله أعلم.

ولم يحج العراقيون بمحمل من بغداد على العادة في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ولا في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة4، ولا في سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة5. وفي آخرها هلك قرا سنقر بعد أن ثبت عند الحكام بمصر زندقته وزندقة ولد محمد شاه صاحب بغداد.

وفيها قصد صاحب الشرق الملك شاه رخ بن تيمورلنك في عسكر كثير جدا لحربه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015