وذكر الأزرقي في خبر صوفة ما يستغرب؛ لأنه قال في باب حج الجاهلية وإنساء الشهور بعد أن ذكر خبرا طويلا، رواه عن جده، عن سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن محمد بن إسحاق، عن الكلبي قال: قال -يعني الكلبي: وكانت الإفاضة في الجاهلية إلى صوفة؛ وصوفة رجل يقال له: أحزم بن العاص بن عمرو بن مازن بن الأسد، وكان أحزم قد تصدق بابن له على الكعبة يخدعها، فجعل عمرو بن مازن بن الأسد، وكان أحزم قد تصدق بابن له على الكعبة يخدمها؛ فجعل إليه حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر الخزاعي الإفاضة بالناس على الموقف، وحبشية يومئذ يلي حجابة الكعبة وأمر مكة، يصرف الناس على الموقف، فيقول حبشية: أجيزي صوفة، فيقول الصوفي: أجيزوا أيها الناس، فيجوزوه.
ويقال إن امرأة أحزم بن العاص بن عمرو بن مازن بن الأزد1 كانت عاقرا فنذرت إن ولدت غلاما أن تتصدق به على الكعبة عبدا لها يخدمها، ويقوم عليها؛ فولدت ابن2 أخزم الغوث، فتصدقت به عليها، فكان يخدمها في الدهر الأول مع أخواله من جرهم، فولي الإجازة بالناس لمكانه من الكعبة، وقالت أمه حين أتمت نذرها، وخدم الغوث بن أخزم الكعبة:
إني جعلت من بنيه ... ربيطة بمكة العلية
فاقبل اللهم لا تباعه ... إن كان إثم فعلى قضاعة3
فولي الغوث بن أخزم الإجازة من عرفة وولده من بعده في زمن جرهم وخزاعة حتى انقرضوا، ثم صارت الإفاضة في عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان بن مضر في زمن قريش في عهد قصي، وكانت من عدوان في آل زيد بن عدوان يتوارثونه، حتى كان الذي قام عليه الإسلام: أبو سيارة العدواني، وهو عمير الأعزل بن خالد بن سعيد بن الحارث بن زيد بن عدوان4 ... انتهى.