الكعبة، فلما كان يوم الثلاثاء: الثالث عشر من الشهر المبارك المذكور اشتغل الشيبيون بإسبالها خضراء يانعة تقيد الأبصار حسنا، ثم قال بعد وصفه للكسوة: فحملت كسوتها، وشمرت أذيالها الكريمة صونا لها من أيدي الأعاجم وشدة اجتذابها وقوة تهافتهم عليها وانصبابها1 ... انتهى.
وهذا يخالف ما يفعل اليوم من إسدال الكسوة على الكعبة وتشميرها في يوم النحر، وما يفعل اليوم من كسوة الكعبة في يوم النحر يوافق ما ذكره ابن عبد ربه2، وفي هذا العصر من نحو أربع سنين لا يؤتى بكسوة الكعبة من منى في يوم النحر، وإنما يأتي أمير الحاج المصري ومعه أعلامه والدباب، والبوقات تضرب معه حتى يدخل المسجد ويخرج إليه كسوة الكعبة من جوفها، فتنتشر في المسجد في صحنه مما يلي الشق اليماني، فتبرز كسوة كل شق، ويرفعها أعوان الأمير مع الحجبة إلى أعلا الكعبة، حتى تكمل، وتسدل على الكعبة على الصفة السابقة، وموجب وضعها في الكعبة قبل الحج: صونها من السرقة، لأنه قبل ذلك سرق بعضها من محل الأمير بمنى، ثم عادت إليه بشيء بذله، وصار الأمراء بعده يصونونها في الكعبة عند توجههم من مكة إلى الموقف.
وفي سنة ثماني عشر وثمانمائة كُسيت الكعبة في رابع ذي الحجة إسبالا على نصفها الأعلى3 ولم تُكس في سنة تسع عشر إلا في يوم النحر، على العادة القديمة التي أدركناها، وعشرين وثمانمائة وكسيت في ثلاث سنين متوالية بعد ذلك في هذا التاريخ، أو بعده قبل اليوم السادس من ذي الحجة، ثم كسيت في سنة خمس وعشرين وثمانمائة في يوم النحر ضحى4، 5.