لشيء صنعته لم صنعته، ولا لشيء لم أصنعه لم لم تصنعه، وكان إذا عاتبني بعض أهله قال الرسول صلى الله عليه وسلم: دعوه فلو قُضي شيء لكان). فقد كان عليه الصلاة والسلام يعذر المسلمين بالقدر للأخطاء التي تكون في حقه، فلم يكن يضربهم ولا يلومهم ولا يقرعهم وهذا إذا كان الوضع يحتمل ذلك.
أما الأشياء التي تكون في حق الله، فلم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم يعذر فيها أحداً بالقدر مطلقاً، فإنه لما سرقت المرأة قطع يدها، وما قال الرسول صلى الله عليه وسلم أبداً: هذه المرأة قدر الله عليها بالسرقة، وما ذنبها، إذاً لا نقطع يدها، كلا؛ بل قطع يدها؛ لأن هذا حق من حقوق الله عز وجل, وكذلك لما تخلف بعض الناس عن صلاة الجماعة، ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذا قضاء الله وقدره، دعونا نستسلم للقضاء والقدر ولا نعاقب هؤلاء؛ بل قد همَّ بتحريق بيوتهم عليهم, ولما زنت المرأة، وزنى الرجل رجمهما صلى الله عليه وسلم، ولم يعذرها بالقدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرف بالله وبحقه من أن يحتج بالقدر على ترك أمر الله تعالى، ولكنه يقبل هذا إذا كان في حقه، فقد عذر أنس بالقدر في حقه كما ذكرنا وقال: (لو قضي شيء لكان) فصلوات الله وسلامه عليه , أما عذر النفس بالذنوب، أو عذر العباد في تقصيرهم في حقوق الله تعالى، فهذا مزلق عظيم يؤدي إلى معذرة عبدة الأصنام والأوثان، وقتلة الأنبياء، وعذر فرعون وهامان، ونمرود بن كنعان وأبو جهل وأصحابه، وسيؤدي بك الأمر إلى إعذار إبليس وجنوده، وكل كافر وظالم ومتعدٍ لحدود الله.
- أفعال العبد قسمان أفعال هو مُجبر عليها مُسيَر عليها كحركة القلب والهرم
ونحوها وأفعال هو مُخيَر فيها وهي مناط التكليف.
- الفرق بين فعل العبد اللاإرادي والفعل الإرادي المُختار:
أن ما وقع باختيار العبد هو مناط التكليف وفعل العبد الاختياري وغير الاختياري هما من جُملة القضاء والقدر.
- هل للإنسان قدرة ومشيئة أم لا؟
نعم له مشيئة وقدرة , ومشيئته وقدرته واقعتان بمشيئة الله عز وجل تابعتان لها.
فللعبد قدرة واختيار ومشيئة لا يجبره على فعله الاختياري أحد حتى خالقه بل يفعل ما يفعله بمحض إرادته وحسب مشيئته, لكن فعله هذا وإرادته هذه داخله في خلق الله تعالى له كما أنها مسبوقة بعلم الله الأزلي فلا يعمل عملاً إلا وقد سبق تقديره وإرادته في علم الله الأزلي وكتبه عنده في كتابه الذي جرى بما كان ويكون إلى قيام الساعة وعلم الله كاشف لا مُكره ولا تأثير لما سبق في علم الله وكتابته وتقديره على محض اختيار العبد وإرادته فكتابة الله المقادير في اللوح المحفوظ هي كتابة علم وليست كتابة إجبار والله عز وجل يعلم ما كان , ويعلم ما يكون , ويعلم ما سيكون , ويعلم ما لم يكن لو كان كيف سيكون فعلمه مطلق وقد أحاط بكل شيءٍ علماً ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء , وكتابة أفعال العباد الاختيارية في اللوح المحفوظ فرع عن علمه عن الخلق وما سيعملون