السؤال التاسع

السؤال التاسع: عندي شبهات أرجو كشفها: كيف نجمع بين قوله عليه الصلاة والسلام: احفظ الله يحفظك، وقوله تعالى: إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ـ وبين ما وقع لأصحاب الأخدود ولبعض أنبياء بني اسرائيل حيثُ قتلهم قومهم مع أنهم يحفظون الله بالاستقامة على طاعته وكذلك ماجرى للحسين رضي الله عنه من مظلمة؟ فما معنى هذه النصرة وما معنى الحفظ؟ وما وجه الجمع بين مقتل عمر ـ رضي الله عنه ـ وهو على المحراب يصلي الفجر والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: مَنْ صلَّى الصبح فهو في ذِمَّةِ الله، فلا يُتْبِعَنَّكم الله بشيء من ذِمَّتِهِ؟ وما وجه الجمع بين قوله تعالى عن الشيطان: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ـ وبين أن رسول الله سُحِرْ وأي سلطان أعظم من السحر؟ وما وجه الجمع بين قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا ـ ونحن ننظر إلى كثير من المرضى من يرقي نفسه صادقاً مع ربه ولا يشفيه الله؟ علماً بأني قرأت جميع الفتاوى عن تأويل وعود الله الكريمة وقالوا أن وعود الله تتفق مع الحكمة من الخلق وهي الابتلاء وأن ما يصيب الصالحين من ابتلاء إنما هو لرفع درجاتهم , ولكن السؤال أين وعد الله عز وجل؟ أم أننا نُحمَل وعود الله من المعاني ما لا تحتمل وما لم يعد عباده به؟ وهل معنى الحسب والكفاية في قوله تعالى: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه"، وقوله: "أليس الله بكاف عبده" أن يقضي الله الخير للعبد حيث كان ثم يرضيه به وإن كان في قالب ضراء كما قال تعالى: "والعاقبة للمتقين"؟.

الإجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الأمور أيها الموفق بالخواتيم، والحسب والكفاية للصالحين إنما تكون كما ذكرت في نهاية حديثك بأن يقضي الله لهم الخير حيث كان ثم يرضيهم به ويثيبهم عليه، وإن كان ذلك في قالب ضراء، ومن ذلك على سبيل المثال ما جرى للحسين رضي الله عنه من ظلم له حيثُ إن الله جل وعلا لم يسلم الحسين ولم يتخل عنه عندما تركه يلقى حتفه شهيداً مظلوماً، بل كان قد سبقت له من الله الحسنى، وسبق في علم الله جل وعلا أن يكون مغ أخيه الحسن سادة شباب أهل الجنة، ولم تكن له سابقة في زمن النبوة، فقد ترعرع في عز الإسلام وكان طفلا فلم يشهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابه من البلاء ما يبلغ به الدرجة الرفيعة التي سبقت له من الله تعالى، فما قضاه الله للحسين كان خيراً له في العاقبة، وإن بدا في صورة كارثية مروعة في الحياة الدنيا، وعجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن , فأما قوله صلى الله عليه وسلم: احفظ الله يحفظك ـ فلا يقتصر كما قد يُفهم من كلام السائل على حفظ البدن ونحوه، بل الأعظم من هذا حفظ الإيمان والاستقامة على مرضاة الله تعالى، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: حفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015