تعجز. فأمر بالأخذ بالأسباب والاجتهاد في ذلك وعدم العجز، وأمر بالاستعانة بالله التي هي من أقوى الأسباب فإنه لا يكون شيء إلا بتقديره سبحانه وبحمده.
وخذ هذه الوصية الجامعة من ابن القيم رحمه الله لعلها تضبط لك هذا الباب، يقول رحمه الله: على العبد أَنْ يَفْعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْأَمْرِ، وَيَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، سَبَقَ بِهِ عِلْمُهُ وَحُكْمُهُ، وَأَنَّ السَّبَبَ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ، وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ، وَلَا يَقْضِي وَلَا يَحْكُمُ، وَلَا يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ تَسْبِقْ لَهُ بِهِ الْمَشِيئَةُ الْإِلَهِيَّةُ، وَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ مَا سَبَقَ بِهِ الْحُكْمُ وَالْعِلْمُ، فَيَأْتِي بِالْأَسْبَابِ إِتْيَانَ مَنْ لَا يَرَى النَّجَاةَ وَالْفَلَاحَ وَالْوُصُولَ إِلَّا بِهَا، وَيَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ تَوَكُّلَ مَنْ يَرَى أَنَّهَا لَا تُنْجِيهِ، وَلَا تُحَصِّلُ لَهُ فَلَاحًا، وَلَا تُوصِلُهُ إِلَى الْمَقْصُودِ، فَيُجَرِّدُ عَزْمَهُ لِلْقِيَامِ بِهَا حِرْصًا وَاجْتِهَادًا، وَيُفْرِغُ قَلْبَهُ مِنَ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا، وَالرُّكُونِ إِلَيْهَا، تَجْرِيدًا لِلتَّوَكُّلِ، وَاعْتِمَادًا عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ، وَقَدْ جَمَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، حَيْثُ يَقُولُ «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَلَا تَعْجِزْ» فَأَمَرَهُ بِالْحِرْصِ عَلَى الْأَسْبَابِ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِالْمُسَبِّبِ، وَنَهَاهُ عَنِ الْعَجْزِ، وَهُوَ نَوْعَانِ: تَقْصِيرٌ فِي الْأَسْبَابِ، وَعَدَمُ الْحِرْصِ عَلَيْهَا، وَتَقْصِيرٌ فِي الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ وَتَرْكُ تَجْرِيدَهَا، فَالدِّينُ كُلُّهُ - ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ، شَرَائِعُهُ وَحَقَائِقُهُ - تَحْتَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ النَّبَوِيَّة. انتهى.
- السعيد يستغفر من المعائب ويصبر على المصائب والشقي يجزع عند
المصائب ويحتج بالقدر على المعائب.
- الموقف من المصائب ومن المعائب:
أمر الله نبيه إذا أصابته المصائب أن ينظر إلى القدر ولا يتحسر على الماضي بل يعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه فالنظر إلى القدر عند المصائب , والاستغفار عند المعائب ; قال تعالى) مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور) وقال تعالى (ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) قال علقمة وغيره هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم.
- استحباب الرضا بقضاء الله عز وجل فيه تفصيل نرضى بالقضاء الذي هو فعل
الله عز وجل وأما المقضي الذي هو فعل العبد ففيه تفصيل فإن كان مرضياً لله رضينا به كالطاعات والإيمان وإن كان غير مرضي لله لم نرض به كالمعاصي.