ففي المرحلة الأولى من حياته _ حياة القصر _ يدور مع رأي ولي أمره فيعادي خصومه ويصادق مؤيديه. لذلك نراه يحمل على أحمد عرابي ويعده خائناً:
صغار في الذهاب وفي الإياب ... أهذا كل شأنك يا عرابي؟
وهو يعبر بذلك عن نظرة البلاط إلى عرابي. وبمثل ذلك يواجه (رياض باشا) رئيس الوزارة لأنه أثنى على اللورد كرومر بكلمة أساءت إلى مصر وإلى الخديوي عباس الذي كان شوقي شاعره:
خطبت فكنت خطباً لا خطيباً ... أضيف إلى مصائبنا العظام
لهجت بالاحتلال وما أتاه ... وجرحك منه لو أحسست دامي
ولنستمع إليه يحمل على الأمير حسين واللورد كرومر والشيخ عبد الكريم سلمان بمناسبة سفر كرومر إلى بلاده، وقد خطب هذا في حفلة أقيمت لوداعه فهاجم الخديوي عباساً والمصريين على مسمع من حسين والشيخ دون أن يحركا ساكناً:
لما رحلت عن البلاد تشهدت ... فكأنك الداء العياء رحيلا
أوسعتنا يوم الوداع إهانة ... أدب لعمرك لا يصيب مثيلا
في ملعب للمضحكات مشيد ... مثلت فيه المبكيات فصولا
شهد الحسين عليه لعن أصوله ... وتصدر الأعمى به تطفيلا
جبن أقل وحط من قدريهما ... والمرء إن يجبن يعش مرذولا
ولكن من العجائب أن ينسى شوقي إساءة الأمير حسين هذا بعد حين، فيمدحه ويمدح معه الإنكليز، الذين خلعوا سيده عباساً وجاءوا بحسين سلطاناً مكانه على مصر. فيعتبر عمل الإنكليز هذا خدمة لمصر وحفظاً للوائها، ويشبههم بالمسلمين الأولين ويسميهم الأحرار العادلين:
حلفاؤنا الأحرار ألا إنهم ... أرقى الشعوب عواطفاً وميولا
لما خلا وجه البلاد لسيفهم ... ساروا سماحاً في البلاد عدولا
وأتوا بكابرها وشيخ ملوكها ... ملكاً عليها صالحاً مأمولا