السَّادِسُ وَالْخَمْسُونَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ: وَهُوَ بَابٌ فِي صِلَةِ الْأَرْحَامِ " قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] فَجَعَلَ قَطْعَ الْأَرْحَامِ مِنَ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ الْإِخْبَارَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ لَعَنْتُهُ فَسَلَبَهُ الِانْتِفَاعَ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، فَهُوَ يَسْمَعُ دَعْوَةَ اللهِ، وَيُبْصِرُ آيَاتِهِ وَبَيِّنَاتِهِ، فَلَا يُجِيبُ الدَّعْوَةَ، وَلَا يَنْقَادُ لِلْحَقِّ، كَأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ، وَلَمْ يَقَعْ لَهُ مِنَ اللهِ الْبَيَانُ، وَجَعَلَهُ كَالْبَهِيمَةِ أَوْ أَسْوءَ حَالًا مِنْهَا، فَقَالَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23]، وَقَالَ فِي الْوَاصِلِ والْقَاطِعِ: {إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} إِلَى آخِرِهَا: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد: 25]،