1155 - حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ، وَأَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْقَطَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَكَانَ لَهُ بِهَا عِرِّيفٌ نَزَلَ عَلَى عِرِّيفِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِهَا عِرِّيفٌ نَزَلَ الصُّفَّةَ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَلَمْ يَكُنْ لِي بِهَا عِرِّيفٌ فَنَزَلْتُ الصُّفَّةَ، وَكَانَ يُجْرِي عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كُلَّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ تَمْرٍ وَيَكْسُونَا الْخُنُفَ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَوْمٍ بَعْضَ صَلَوَاتِ النَّهَارِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ نَادَاهُ أَهْلُ الصُّفَّةِ يَمِينًا وَشِمَالًا: يَا رَسُولَ اللهِ أَحْرَقَ بُطُونَنَا التَّمْرُ وَتَخَرَّقَتْ عَلَيْنَا الْخُنُفُ، فَمَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى مِنْبَرِهِ، فَصَعِدَهُ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ فَذَكَرَ شِدَّةَ مَا لَقِيَ مِنْ قَوْمِهِ، حَتَّى قَالَ: " فَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ وَعَلَى صَاحِبِي بِضْعَ عَشْرَةَ يَوْمًا وَمَالِي وَلَهُ طَعَامٌ إِلَّا الْبَرِيرَ " قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي حَرْبٍ: وَمَا الْبَرِيرُ؟ قَالَ: طَعَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَمْرُ الْأَرَاكِ -[420]- فَقَدِمْنَا عَلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَعُظْمُ طَعَامِهِمِ التَّمْرُ فَوَاسُونَا فِيهِ، فَوَاللهِ لَوْ أَجِدُ لَكُمُ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ لَأَشْبَعْتُكُمْ مِنْهُ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ تُدْرِكُوا زَمَانًا حَتَّى يُغْدَى عَلَى أَحَدِكُمْ بِجَفْنَةٍ، وَيُرَاحُ عَلَيْهِ بِأُخْرَى قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَحْنُ الْيَوْمَ خَيْرٌ أَوْ ذَلِكَ الْيَوْمِ؟ قَالَ: " لَا، بَلْ أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ، أَنْتُمُ الْيَوْمَ مُتَحَابُّونَ، وَأَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ - أُرَاهُ قَالَ - مُتَبَاغِضُونَ " قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: " وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ لَمْ يَصْبِرُوا عَلَى الْمَجَاعَةِ حَتَّى أَعْلَمُوا مَنْ أَمِلُوا أَنْ يُغَيِّرَ أَحْوَالَهُمْ فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّهُ أَجَابَهُمْ بِمَا سَكَّنَ عَنْهُمْ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ طَلَبَ مَا تَقَعُ إِلَيْهِ الْحَاجَةُ لَيْسَ بِمُضَادٍ لِلتَّوَكُّلِ إِذَا كَانَ الطَّالِبُ لَا يَطْلُبُ إِلَّا مُتَوَكِّلًا عَلَى اللهِ تَعَالَى فِي إِظْفَارِهِ بِمَطْلُوبِهِ "