آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (?).
إن المصائب والمحن في هذه الحياة الدنيا ليست قصرًا على جيلٍ دون آخر، وليست خاصةً بأمةٍ دون أُخرى، بل هي عامةٌ في الأولين والآخرين من بني الإنسان، وتشمل الصالحين والطالحين، قال الله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} (?) وقال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (?). ولكن الذي يختلف فيه الناس أسلوب التعامل مع مصائب الدنيا، ونكدها فإذا امتاز المؤمنون بالصبر والمصابرة، والرضى والتسليم بأقدار الله الجارية، مع بذل الجهد في تحصيل الخير وتحقيق العدل، ودفع المكروه والشر، ورفع الظلم في الأرض، فإن سواهم يضيق به الصدر، وتنقطع أوصاله من الحزن والقلق، ويُصاب بالضيق والإحباط، وربما ارتكب من الفواحش والآثام ما زاد في ألمه، وضاعف مصائبه، وربما أودى بحياته تخلصًا مما هو فيه، فانتقل إلى نكدٍ مؤبَّد، وإنما عذاب دائم {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} (?).
إخوة الإيمان، واقرؤوا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين معه، وستجدون أنهم نالوا من المصائب والمحن ما نالهم، ومنهم أزكى البشرية وأتقاها، وجيلهم خير أجيال المسلمين، وأنقاها، وكل ذلك حتى يمتحَن المؤمنون، ويعلمَ الله الصابرين، ويكشف زيف المنافقين، وحتى يعلمَ هؤلاء، وتعلم الأمةُ من ورائهم قيمة الثبات على الحق، والصبر على الشدائد، حتى يأذن الله بالنصر والفرج. وإذا كان الناس في حال الرخاء يتظاهرون بالصلاح والتقى ففي زمن الشدائد