هذه المعاني، وقدروها حق قدرها، فسارت حياتهم العملية وفق هذه الموازين والقيم، وحذروا مَن بعدهم من الاغترار والغفلة.

قال علي رضي الله عنه: إنما أخشى عليكم اثنتين: طول الأمل واتباع الهوى، فإن طول الأمل ينسي الآخرة، وإن اتباع الهوى يصد عن الحق.

وقال عون: كم من مستقبل يوم لا يستكمله، ومنتظر غدًا لا يبلغه، لو تنظرون على الأجل ومسيره لأبغضتم الأمل وغروره (?).

أيها المسلمون، لا يعني التأمل في قصر الأمل، السكون والاستسلام أو الكسل والإحجام، بل إن ذلك ينبغي أن يدفع إلى العمل والجدية وحث الخطى .. لكن أي عمل .. وأي جدية .. هل في جمع حطام الدنيا الفاني؟ لا .. فالدنيا لا تستحق هذا الجهد وهذا العناء .. ويكفي الإنسان ما يسد رمقه، ويكسو جسده، ويغنيه عن الآخرين .. وإنما عمل الصالحات هو الميدان الذي ينبغي أن تشمر له سواعد الجد، ويتسابق فيه المتسابقون .. وكلما طال العمر وازداد العمل الصالح، دل على توفيق الله للعبد، وقد سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير؟ فقال: من طال عمره وحسن عمله، قيل: وأي الناس شر؟ قالت: من طال عمره وساء عمله (?).

وهل علمت يا أخا الإيمان، أن العبد ربما بلغه منازل الشهداء وربما زاد عليها- بسبب كثرة عبادته وطول عمره- حتى وإن مات على فراشه، وإليك ما يؤكد ذلك من مشكاة النبوة، فعن عبيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين رجلين، فقتل أحدهما في سبيل الله، ثم مات الآخر، فصلوا عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015